«إدلب».. خارطة صراع دولي !
حبيب شحادة
شَكلت استعادة مدينة "خان شيخون" من قبل "الجيش السوري"، نقطة تحول في مسار "سوتشي"، الذي ربّما يصبح جزء من ذاكرة الصراع السوري بمجرد السيطرة الكاملة على مدينة "إدلب" وجوارها المحيط.
كما يمكن اعتبار إرسال "تركيا" لرتلها العسكري، في محاولة منها لتعزيز وجودها في "إدلب"، والتصدي له، وإيقافه، أخر ما يمكن لتركيا فعله على الأرض، وأقصى ما يمكن تقديمه لأدواتها الموجودة من الفصائل المسلحة، حيثُ باتت الأن مضطرة للتفاوض على 12 نقطة عسكرية في أخر منطقة خفض تصعيد، بدلاً من تفاوضها على منطقة منزوعة السلاح.
وكانت "تركيا" بموجب اتفاق سوتشي (2017)، قد أنشئت 12 نقطة مراقبة عسكرية في إدلب ومحيطها، وهي نقطة "صلوة"، ونقطة "تكلا"، نقطة "جبل عقيل"، نقطة "تل عيسى" بريف "حلب"، نقطة "تل طوقان" في "سراقب"، نقطة "عندان"، نقطة "الراشدين"، نقطة "صرمان معمرة النعمان"، نقطة "الزيتونة" جنوب غرب "إدلب"، نقطة "جبل شحشبو" بريف حماة، نقطة "مورك"، نقطة "اشتبرق" بريف حماة.
واليوم نقطة "مورك" أضحت تحت مُحاصرة من الجيش السوري، بلا أيّة قيمة عسكرية، لذلك تحاول "تركيا" الاستفادة من نقاطها العسكرية، التي أكدت أنّها باقية، لكسب نقاط سياسية، عبر التفاوض مع الروسي، الذي اتهم "تركيا" بمخالفة اتفاق "سوتشي"، والذي تنصلت أنقرة من تطبيقه على مدار السنوات الماضية.
ورغم الحديث عن وجود اتفاقية سرية بحسب موقع تركي، مُوقّعة بالعام 2018، بين الروسي والتركي، تنص على تخلي "تركيا" عن "إدلب" بالتوازي مع تقدم "الجيش السوري"، إلا أنّ ما حدث من تدخل وتوغل تركي يشي بعكس ذلك، خصوصاً أنّ تركيا أرادات عرقلة تقدم الجيش، وتمسكت بمواقفها المخالفة لتعهداتها ضمن "سوتشي".
ربّما تحاول "تركيا" اليوم الكسب بالسياسة، بعد فشلها الكسب بالعسكرة، واتصالات "أردوغان" مع الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين"، لا تخرج عن سياق ذلك، عبر محاولته التفاوض حول نقاطه العسكرية في "إدلب" ومحيطها، بعد أنّ تحولت لنقاط خرساء لا تسمن ولا تغني من جوع، لا لـ"أردوغان" ولا لأدواته من الفصائل المسلحة.
يبقى عرَابي سوتشي الثلاث، والذين سيجتمعون في منتصف الشهر القادم، أمام متغيرات جديدة في الميدان العسكري السوري، لا يمكن للتركي تجاوزها، وبنفس الوقت لم يعد بيده أوراق كثيرة كي يلعب بها، باستثناء نقاطه، التي يجب التفاوض حولها كسلة واحدة مجتمعة، وليس على كل نقطة بمفردها.
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: