إدلب: هل تتجه لخروجها من خفض التصعيد؟
حبيب شحادة
بقيت إدلب خارج إطار أيّة تسوية أو اتفاق، ذلك بعد سقوطها في 28/3/2015، بيد "داعش"، إلى حين دخولها اتفاق استانة عام 2017، إدلب المحافظة ذات الموقع الاستراتيجي بحدودها القريبة من تركيا، وبتجاورها لثلاثة محافظات أخرى (حماه – اللاذقية – حلب) تحولت على مر سنوات الحرب/ الأزمة إلى محطة أو خزان لتجميع المتطرفين من بِقاع الجغرافيا السورية.
كما دخلت إدلب اتفاق خفض التصعيد وفق مسار استانة 4 (4/أيار/2017) الذي انطلق أول مؤتمر له في (23/ ك 1/2017) والذي نص على أربعة مناطق لخفض التصعيد في سوريا، أوشك على نهايته بحكم انتهاء ثلاث مناطق لخفض التصعيد بفعل دخولها مسار المصالحات وعودتها لسيطرة الدولة، وبقاء المنطقة الأخيرة (إدلب) التي تُوشك على الخروج منه، نظراً للتطورات المتلاحقة التي تحدث.
وبحسب سياق أستانة (6) أقامت القوات التركية عدداً من نقاط المراقبة العسكرية في إدلب، لمراقبة وقف إطلاق النار بين الجيش السوري والفصائل المسلحة، لكن ما حصل كان استمرار خرق نظام وقف إطلاق النار من قبل الفصائل المسلحة، ما دفع بالجيش السوري للقيام بعمليات عسكرية بين الحين والأخر.
وبحكم سيطرة هيئة تحرير الشام المُصنفة على قائمة الإرهاب على معظم مناطق إدلب. فشلت تركيا في مسعاها لفصل المسلحين بين متشددين ومعتدلين، ما جعل إدلب منطقة استعصاء على الحل سواء كان عبر المصالحة، أم عبر العمليات العسكرية. لكن ذلك لم يستمر طويلاً، نتيجة تصاعد التوتر في إدلب مُنذ حوالي الشهر.
هذا التوتر حذا بروسيا لإعلان الهدنة التي تَنصلت منها الفصائل المسلحة بدعم تركي، وترافق ذلك مع قيام الجيش السوري بالرد على اعتداءات المسلحين، واستهداف نقاط المراقبة التركية بشكل مُتكرر، ما يعكس حجم الخلافات الإقليمية والدولية على هذه البقعة الجغرافية وتحديداً الخلاف الروسي – التركي، حيث تشكل إدلب حالياً معركة الحسم.
ذلك أنّ عودة إدلب لحاضنة الدولة السورية، يعني نهاية النفوذ التركي في شمال غرب البلاد، وتدفق المزيد من اللاجئين ربّما باتجاه الأراضي التركية، الأمر الذي يدعو أنقرة لتقديم الدعم الكامل لمسلحيها في محاولة للحفاظ على تواجدهم، وبالتالي تواجد نقاط المراقبة التركية.
من هنا يسعى الروس للضغط على التركي، لبقاء المنطقة الأخيرة في خفض التصعيد، ورغم الخلافات الظاهرة بين الدورين التركي والروسي، فإنّ العلاقة التي تربطهما في سورية وتحديداً في إدلب، هي وظيفية بالدرجة الأولى، حيث أنّ روسيا بحاجة التركي للاستمرار في مسار أستانة، وتركيا بحاجة الروس لاستثمار العلاقة بالضغط على الأمريكي فيما يتعلق بالمنطقة الأمنة شمال شرق سوريا التي غاب الحديث عنها في الفترة الراهنة، وبصفقة طائرات أف 35.
لكن رغم اشتداد حدة المعارك في منطقة خفض التصعيد (إدلب ومحيطها)، ورغم التصريحات المختلفة حيال ما يحدث في إدلب وحولها، إلا أنّ الواقع الميداني مازال في حالة جمود، بانتظار حدوث اختراق سياسي ضمن مسار أستانة، لينعكس ايجابياً على المشهد الميداني، وخصوصاً بعد تصريحات الوزير وليد المعلم إبان زيارته للصين، بأنّ " دمشق لا تريد مواجهة عسكرية مع الجيش التركي"، وتأكيد الروس بأنّه " لا تثبيت لوقف إطلاق النار في إدلب"، ما يعني احتمال حدوث اتفاق ما عبر أستانة للخروج بحل يُخرج إدلب من منطقة خفض التصعيد باتجاه جعلها منطقة خاضعة لسلطة الدولة.
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: