Monday April 29, 2024     
00
:
00
:
00
  • Street journal

حصر إرث.. وتصفية حسابات

حصر إرث.. وتصفية حسابات

مروة ياسين

«لقد حان الوقت لتصحيح الظلم التاريخي الذي وقع على اليهود الذين فقدوا ممتلكاتهم في الدول العربية.. لا يمكنك التحدث عن الشرق الأوسط دون النظر إلى حقوق اليهود الذين أجبروا على ترك مجتمعاتهم المزدهرة تحت العنف» هذا ما قالته وزيرة المساواة الاجتماعية الإسرائيلية غيلا غملائيل المشرفة على مشروع "حصر ممتلكات اليهود العرب".

"صفقة القرن" الاسم الذي تكرر لحد "يُسمع من به صمم" هو عبارة وحسب ما يدعونها "خطة سلام أمريكية" بين دولة الاحتلال الإسرائيلي والدول العربية، وبعد أن ذلل قادة العرب رقابهم لحد باتت أسهل ما يداس عليه من قبل إسرائيل، ووصل الأمر بها أن تضع شروطاً ومطالب لتتكرم وتتنازل بقبول إتمام خطة السلام مع دول خانعة حد السذاجة كدولنا العربية.

اسم "صفقة" اتضح أنه لم تختاره دولة الاحتلال عن عبث، حيث صرحت أمس عن أول مطالباها من الدول العربية وهو عبارة عن المشروع يطالب بتعويضات من دول عربية تُقدَّر بنحو 250 مليار دولار، 50 مليار دولار منها نظير الممتلكات اليهودية في تونس وليبيا فقط، والمشروع ليس جديداً حيث كان الكنيست الإسرائيلي أقر عام 2010 قانوناً يربط جميع مفاوضات السلام بقضية التعويض عن فقدان الممتلكات اليهودية في الدول العربية.

عام 1948 نضبت ينابيع الهجرة الأوروبية حتى شكلت الهجرة العربية 47% من مجموع دولة الاحتلال وزادت عدد سكان دولة الاحتلال بما يزيد عن نصف مليون مهاجر، بعد أن قُدمت لهم إغراءات وحوافز من قبل منظمات يهودية بهدف توسيع الاستيطان، موجات الهجرة تلك شكّلت لإسرائيل المادة البشرية الخام اللازمة لإحلالها محل الفلسطينيين، الذين جرى تهجيرهم من قراهم ومدنهم.

ولترويج قضية اليهود العرب وضمن سياسة الإنسانية "الخلبية" لدولة الاحتلال أقامت ولأول مرة مراسم لتخليد ذكرى ما وصفوه بأنه «طرد» لهم من الدول العربية تحت عنوان «يوم طرد وتشريد اليهود من الدول العربية وإيران»، هكذا صبغت إسرائيل هذا الحدث بلون إنساني فاقع ليلفت الأنظار، فلم تجعلها مراسم احتفال بازدياد عدد سكان نصف مليون إضافي، بل مراسم تضامن وفتح جراح غير موجودة أساساً كتمهيد للمطالب المخطط لها بالتزامن مع خطة السلام الأمريكية.

أجرت إسرائيل عملياتها الحسابية بسرية كبيرة مستأجرة شركة محاسبة (أخفت اسمها) لتقدير قيمة ممتلكات اليهود التي تركوها في البلد العربية، واستغرق أمر مشروع "حصر ممتلكات اليهود العرب" مجهود طالت مدته لحد عام ونصف (18 شهراً)، لتخرج بنتيجة تقول إن البلاد العربية مدينة لليهود الذين تركوها ب 250 مليار دولار مقسمة على عشر دول عربية.

ولكون العرب مشغولين في قتال بعضهم لن نلومهم فانشغالهم في سباق التسلح لتفريغ رصاصاتهم في رؤوس بعضهم "أهم"، وسيتكفل الفلسطينيون بالرد.. بداية نرجو من نفس الشركة "مجهولة الاسم" التي حصرت ممتلكات اليهود العرب من عشر دول أن تتحمل معنا عبء حساب ممتلكات الفلسطينيين المفقودة في دولة واحدة فقط.

احتلال ثلاثة أرباع الأراضي الفلسطينية إن اعتبرناها مستأجرة منذ عام "1948" فكم ستسعرون العام الواحد منها؟

تلك المدن التي لم يتركها أهلها بمحض إرادتهم كما فعل نظرائهم من اليهود الذين خرجوا لوجود إغراءات ومحفزات ومع ذلك تطالبون بتعويض لهم، على عكس من خرجوا بعد مجازر ومحارق وانتهاكات لا حصر لها نفذت بحقهم، بكم تسعرونها؟

المقدسات التي انتهكت.. التاريخ الذي حُرف.. الناس التي هجرت وبلا أوطانٍ تركت كم ستعطونها؟

احصروا لنا إرثنا بدقة وبعدها دعونا نجلس ونصفي حسابتنا سوية..

خطط السلام الأمريكية والشروط الإسرائيلية مسرحية ستنتهي بتحصيل مكاسب مادية لصالح إسرائيل يلقون بعدها تحية الختام بسلام على من رد السلام ودفع ثمنه.. ولعنة على من لم يرد..

 

المصدر: خاص

شارك المقال: