Friday May 3, 2024     
00
:
00
:
00
  • Street journal

"حريق المناخلية".. بين "الجريمة الإعلامية" والمحقق "خميس"

"حريق المناخلية".. بين "الجريمة الإعلامية" والمحقق "خميس"

عمّار الخير

لم نعد نستغرب نهائياً الأداء المتردي لمعظم قنوات إعلامنا السوري، والجهل بأدنى درجات المهنية، بحيث أن قناة «عين على الواقع» تحوَّلت بقدرة قادر، إلى فضائية تفقأ تلك العين وتتلذذ بمشاهدة نزيفها المستمر، فالانفراد بالتغطية «الاستثنائية» لحريق "المناخلية" أبرز كمَّاً زائداً من البشاعة واللا إنسانية والتَّدنِّي في التعاطي الإعلامي لقناة "الإخبارية" مع حالة إنسانية لأبٍ فقد أبناءه السبعة دفعة واحدة، لدرجة تحوَّل معها «السَّبق الصحفي» في النَّقل الحصري لتلك الفاجعة إلى قبح ما بعده قبح، لاسيما مع سؤال الأب المفجوع أسئلة من صنف: «اسمك؟»، «أبو شو؟»، «شو صار؟» «تأخَّرت الإطفائية؟»، «في بالبيت مازوت أو أي شي ساعد ع الاحتراق؟»، «مين أجا من الجهات المعنية؟ وشو قالوأ؟»، «بتحب توجه رسالة؟»، والتي تندرج تحت بند «الجريمة الإعلامية» لانتهاكها أبسط المشاعر الإنسانية، والفاجعة أن تمر مثل تلك التغطية من دون مُحاسبة القناة والقائمين عليها والمُراسل الجَّهبذ الذي تحوَّل إلى «مُحقِّق» من دون أن يُبدي صوتُه أي نبرة تعاطف، بل انبرى لتجميع خيوط الواقعة الجنائية، بلا أدنى رفَّة جفن أو خفقة قلب إعلامية قد تعيد ذاك التقرير إلى جادة الصواب.

الأنكى من ذلك عندما تتحول مثل هذه الحادثة إلى مناسبة لـ«التَّشَاوُف» من قبل رئيس الحكومة "عماد خميس" الذي تقمَّص هو الآخر شخصية "المحقق كونان" خلال «تفقُّده الأضرار الناجمة عن الحريق»، وطبعاً يقصد هنا المادية منها، مُتناسياً الأضرار الروحية والنفسية للملايين الذين شاهدوا «انكسار» الأب المفجوع من خلال تقرير "الإخبارية"، أو كيف وثَّقت بعض المواقع تركيزه هو نفسه مع أسئلته الاستفزازية عن المدة التي استغرقها وصول فوج الإطفاء، والجدل حول وجود سقف مستعار في البيت المحترق من عدمه، و«الاستفادة من شهادات الناس كمدخل لمعرفة الحقيقة بشفافية»، واضعاً ثقله ونبرته الحازمة على «عدم تضخيم الموضوع»، ثم على «البدء بترميم البيت غداً أو بعد غد»، من دون أن نعلم هل سيُطبِّق أياً من شفافيته تلك، وتقصيه عن الحقيقة، في مُحاسبة أعضاء حكومته "الموقرة" بسبب تقصيرها في "توزيع المازوت" غير الموجود في ذاك المنزل مثلاً، أو محاسبة المسؤولين عن "خربطة" الكهرباء و"رفرفتها" والتي قد تكون أحد الأسباب المؤدية للحريق، أو هل سيسأل عن ذاك الفساد الإعلامي ومُفرزاته اللا إنسانية التي تُحوِّل السوريين بآلامهم المديدة إلى مجرد موضوعات لتقارير باهتة لا أكثر. 

 

المصدر: خاص

بواسطة :

شارك المقال: