حرائق "الحسكة" تأكل "الأخضر واليابس" !
عبد العظيم العبد الله
النيران التي اشتعلت وتشتعل في ربوع "الجزيرة السورية"، تحرق النفوس والقلوب قبل حرق المحاصيل والزروع، لم ولن تكون ظاهرة طبيعية، ولم تشهد ذاكرة أبناء المنطقة مآسي كهذه التي تحصل في رزقهم وقوتهم السنوي، آلاف الأسر احترقت أراضيها بالكامل، وهي التي لا تملك مورداً ورزقاً غيره، أي قهر وظلم وقساوة عيش تمر على المنطقة وأهلها.
أضخم حريق شهدته المنطقة تلك التي عاشتها بلدة "القحطانية" وريفها قبل ساعات قليلة، فالنيران انطلقت من جنوب البلدة ووصلت شمالاً حاصدة النيران أراضي 28 قرية، وأكثر من ذلك وفي حادثة غريبة تجاوزت النيران الطريق الدولي لتصل إلى الطرف الآخر، متابعة "قهر الأرواح" و"حرق الأرزاق"، تلك النيران ظلّت مشتعلة من الساعة 11 صباحاً حتى الخامسة عصراً، لم تستطع نخوة أكثر من 500 شخصاً تصدوا لإطفائها طوعاً بملابسهم وأدواتهم البسيطة، لم تتمكن سيارات الإطفاء من إخماد، باءت جميع المحاولات بالفشل، بعد أن أحرقت أكثر من 100 ألف دونم، توقفت تلك النيران طوعاً، بالإضافة إلى حرق المحاصيل وصلت النيران إلى منازل بعض القرويين، وسببت خسائر مادية لهم، وحسب مصادر خاصة لجريدتنا في "ريف القحطانية" فإن النيران أحرقت حصادة وعدد من الجرارات الزراعيّة.
بدوره، "فارس علي" من أهالي "القامشلي" تحدّث عن حاله وهو يخترق النيران بسيارته: «قدمت من منطقة المالكية وصلت إلى مدخل القحطانية، وجدتُ النيران على الطريق الدولي لخمسين متراً تقريباً، لم يكن لنا حل، سوى المرور بسيارتي بين النيران مع غيري من أصحابي السيارات، كان مشهداً ولحظات صعبة، توقفت نبضات القلب، واعتبرها لحظاتي الأخيرة في الحياة، لكنني نجوتُ من النيران بأعجوبة، ولم يكن لي حل غير ذلك».
خوف الأهالي تجاوز المحاصيل وحصدها بالنيران، فهم باتوا يخشون وصولها إلى آبار النفط والغاز في مناطق كثيرة قريبة من المحاصيل الزراعية، وما حصل أثناء حرائق القحطانية، فقد أكّد "ماجد الرمو" من أهالي البلدة بأنّ النيران وصلت إلى محطة نفط عودة، وتسببت بحرق أربعة أشخاص قاموا بإطفائها، ولولا ذلك لحلّت كارثة.
ولمّ تنته أنين المزارعين خاصة وأبناء المنطقة عامة على حرائق "القحطانية"، حتى أعلن الأهالي حرق المحاصيل فجر اليوم في بلدات "اليعربية" و"الدرباسية" و"القامشلي"، وقد احترقت محاصيل تسعة قرى في بلدة "الدرباسية" لوحدها شمال الحسكة حسب تأكيدات "نوري صبري" من أهالي البلدة.
غالبية المناطق والقرى والبلدات تعرضت محاصيلها وأراضيها الزراعية للاحتراق، والترقب بشكل يومي وعلى مدار الساعة على مشهد النيران، وهي تضم ضحية جديدة لضحاياها، وهناك رغبة كبيرة من المزارعين لحصد ما تبقى من المحاصيل في أسرع وقت خشية أن تلتهمها النيران، لكن قلة الحصادات هي المسبب الآخر في التأخير بجني المحاصيل.
دعوات كثيرة وأصوات بالجملة تطالب بتعويض المتضررين وممن احترقت محاصيلهم الزراعية، خاصة وأن الكثير منهم احترقت الأرض بالكامل، وهناك بعض المغتربين نظموا عريضة ويؤكدون بأنها ستصل للأمم المتحدة، لتساهم بتخفيف المزارعين وتعويضهم مادياً.
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: