هل تحقق "روسيا" خرقاً في الموقف السعودي ؟
محمد نادر العمري
يبدو أن مناخ التسوية قد يجد فسيح أمل له في ظل التصعيد الخطير الذي يلم بالمنطقة، فالعلاقة "السورية السعودية" يبدو أنها ستشهد نوعاً من دفئ البطيء خلال الفترة القادمة في ظل توافر معطيات بدأنا نلمسها بشكل واقعي، ويبدو أن "العراق" و"روسيا" هما من يسعيان لحصول مثل هذا التقارب ويرعياه.
فـ"روسيا الاتحادية" التي وصلت لمرحلة فقدان الأمل بسلوك التركي والتزاماته تجاه "إدلب" من خلال اتفاق "سوتشي"، يبدو أنها تستثمر هذا التلكؤ التركي للتقريب بين "دمشق" و"رياض" مستغلة صراع النفوذ "الأخواني الوهابية "على مستوى المنطقة وبشكل خاص الرفض العربي للتمدد التركي في الشمال السوري، لدفع الرياض نحو انفتاح على "دمشق" نظراً دور الأخيرة في التصدي لـ"أنقرة" ورفض أي مشروع يتضمن حصول الإخوان على نفوذ لهم في المشهد السياسي السوري القادم.
كما أن "الرياض" التي مازالت تعاني من ضغوط داخلية وخارجية نتيجة تفاقم تراكم سلوكياتها وسياساتها على الصعيدين والتي أدت إلى صيغة تحالفات داخلية بين بعض أفراد الأسرة الحاكمة الرافضين لوصول "محمد بن سلمان" للحكم أو صيغة ضاغطة خارجية وبخاصة من أعضاء الكونغرس الأميركيين الذين يمارسون ضغوطهم على الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" لمعاقبة "بن سلمان"، ووقف الدعم العسكري له في عدوانه على "اليمن" فضلاً عن الضغوط الأوروبية التي تمارس معظم حكوماتها تجاه الرياض بذرائع حقوق الإنسان والجرائم التي يرتكبها عدوان التحالف على اليمن، لذلك قد تجد القيادة السعودية وبخاصة "محمد بن سلمان" في روسيا العائدة بقوة للساحة الدولية والملتزمة بمبادئها وتحالفاتها طوق نجاة له وقبلة آمنة لضمان وصوله للحكم وهذا يتطلب خطوات بناء ثقة وتنازلات قد تكون عودة العلاقة مع "سوريا" إحدى أشكالها ولاسيما أن "روسيا" كما هو معلوم هي من تملك زمام المبادرة في إدارة الحل بها.
من المؤكد أن زيارة مستشار الأمن القومي العراقي "صالح الفياض" لـ"دمشق" ولقائه الرئيس الأسد لساعات وما تلاها من زيارة الوزير الأول العراقي "عادل عبد الهادي" لـ"السعودية" والانفتاح الاقتصادي ومن ثم انعقاد قمة بغداد بحضور رؤساء البرلمانات الدول المجاورة للعراق بحضور سعودي سوري على طاولة واحدة ولقاء المبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى سوريا "ألكسندر لافرينتيف" مع الرئيس "بشار الأسد" بعد زيارة أجراها الأول للرياض ولقائه مع "محمد بن سلمان"، وقادة الأجهزة الأمنية وبعض رموز وفد الهيئة العليا للتفاوض، جميعها تحركات دبلوماسية لا يمكن تصنيفها في سياق التصادف بالتوقيت السياسي والأيام القادمة ستبرز حقيقة ايجابية هذه التوجهات في ظل التحدي الأكبر والأبرز الذي قد يواجه هذا التقارب وهو الرفض الأميركي فهل ستذعن السعودية مرة الأخرى لبلاد العم سام...؟
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: