هل ستتأُثر سوريا بما يجري في لبنان اقتصادياً.. ؟!
نور ملحم
الوضع الاقتصادي في لبنان متأزم منذ حوالي 8 سنوات والكارثة التي يعيشها الشارع حالياً ربما تقوده نحو "الإفلاس"، وقد توضح أن "الدولة الشقيقة" لـ"سوريا" لم تنجح في تطبيق خطط إصلاح كان يؤمل منها وقف هدر الأموال في مؤسسات الدولة، ومكافحة الفساد، وإنعاش المؤشرات الاقتصادية المتهاوية.
فالاقتصاد اللبناني يواجه معضلتين الأولى مالية ترتبط بارتفاع الدين العام لتبلغ ما يتجاوز نسبته 152% من حجم الناتج المحلي للبلاد، والثانية اقتصادية تتمثل في ضعف النمو الاقتصادي، ففرص العمل نادرة، والبنى التحتية متردّية، وواردات الدولة من العملة الصعبة تكاد تختفي، وقد انخفض تصنيف لبنان إلى درجة "CC"، وهي أدنى درجة في مؤشر الجدارة الائتمانية، مدى السوء الذي يعيشه اقتصاد لبنان المريض وفي الوقت الذي يبدو فيه أن لبنان يقترب من "الانهيار المالي"، بدأت تظهر في سوريا الآثار المتأتية نتيجة الارتباط بين البلدين على أكثر من مستوى.
يؤكد دكتور الاقتصاد "علي ديب" في تصريحه لـ "جريدتنا" أن «القطاع المصرفي اللبناني يشكل ملاذاً لرأس المال السوري حيث تعد بيروت مركزاً أكثر أهمية لرجال الأعمال السوريين لإجراء معاملاتهم الاقتصادية»، لافتاً إلى أنه «في الوقت الذي تتفاقم فيه الأزمة اللبنانية، حيث تواجه البلاد عجزاً عن تأمين الدولار، ارتفعت تكلفة تأمين المستوردين ورجال الأعمال السوريين للعملة الصعبة لتمويل عمليات الاستيراد. وهو ما يؤدي إلى زيادة الضغط على قيمة الليرة السورية، إضافة إلى ارتفاع تكلفة استيراد السلع الأساسية، فالاضطرابات السياسية في لبنان وتأثرها اقتصاديا وإغلاق البنوك هناك، أثر بنحو ملموس على توفير العملة في سوريا».
وأضاف "ديب" إنه «بغياب الرقابة وشح العملة في البنوك المحلية، تجد تفاوتاً كبيراً بين سعر صرف العملات الأجنبية في الأسواق، وفي هذا السياق، يمكن إلى حد كبير تفسير التغير الأخير في قيمة الليرة السورية، وهذا يعني انخفاض قيمة الليرة السورية بحدود 60%»، مبيناً «اعتماد الاقتصاد السوري على لبنان حيث أنه يمثل سوقاً للمنتجات السورية، ومصدراً لتحويلات العمالة السورية المقيمة هناك، إضافة إلى كون مركزاً لرأس المال والمستوردين السوريين، ولكن اليوم تقف المصارف اللبنانية عاجزة عن السداد في حال تعرضت لسحوبات طارئة، ما يعني خسارة أكثر المدخرين والمستثمرين السوريين».
وعلى نحو مماثل تتأثر العديد من الشركات السورية التي تعتمد على استيراد المواد الخام أو المعدات عبر مرفأ بيروت، إذ عادة ما تبقى الحاويات هناك لأسابيع، فيما يجهد المستوردون لأجل سداد الرسوم، فيما تفرض سلطات الميناء رسوماً على الشركات لتخزين حاوياتها، وحتى إن كانت هذه الشركات تملك الأموال اللازمة، فإنها لا تستطيع إجراء التحويلات في الوقت المحدد.
وبحسب دراسة اقتصادية للدكتور "علي كنعان" فقد وصلت قيمة ودائع السوريين في المصارف اللبنانية حالياً إلى نحو 40-45 مليار دولار في المصارف اللبنانية و بحلول العام 2012 حين صدرت العقوبات الدولية التي تمنع الاقتصاد السوري من التعامل الخارجي، ما أدى إلى توقّف المصارف اللبنانية آنذاك عن فتح حسابات للسوريين.
وبذلك أثبت التاريخ أن التأثير الاقتصادي بين لبنان وسوريا كبير، فعند وقوع الأزمة السورية تراجع الوضع الاقتصادي في لبنان، كذلك الأمر عند بدء الأزمة الاقتصادية الحالية في لبنان، تأثر الاقتصاد السوري.
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: