"حكومة مجنونة" و"سير منفرد" .. طريق واشنطن وعرة في كاراكاس
عبد الغني الحمد
"لم تشهد الولايات المتحدة الأمريكية حكومة من قبل مثل هذه الحكومة المجنونة .. بولتون، وبينس، وبومبيو .. كم من الحقد والكراهية في نفوسهم .. إلى أي مستوى يمكن أن يصل عدم الإحساس، والجنون، والكذب، والتلاعب؟"، لعلّ الرئيس الفنزويلي قصد ما قاله بحق حكومة الرئيس الأمريكي الأكثر غرابة حين ألحق هذه الأسماء باسم دونالد ترامب، فقد نقل الأخير أسلوبه المثير للجدل إلى باقي أعضاء حكومته الفاعلين في الملفات الداخلية والخارجية، وقد نجح في ذلك بشكل كبير مع استبعاد أحد أبرز "المهادنين" في حكومته السابقة وهو وزير الخارجية آنذاك ريكس تيليرسون ..
تجذب فنزويلا اليوم إليها كل العيون التي شخصت يوماً في وجه السياسات الأمريكية، وحتى تلك العيون التي تراقب المشهد بحيادية وعن كثب في محاولة لفهم السياسة الأمريكية التي تأخذ كل يوم شكلاً جديداً وصيحة مختلفة عن اليوم الذي قبله، فالرئيس الذي قدّم نفسه على أنه المخلص من زمن الحروب يخرج وزير خارجيته اليوم ليعلن على الملأ مهدداً بأن الجيش الأمريكي لن يتورع في الدخول بحرب ضد الجيش الفنزويلي ولن تقف صواريخ الـ s300 الروسية في وجه أي عمل عسكري محتمل للقوات الأمريكية في الساحة الفنزويلية التي تشهد شبه عزوف دولي عن التدخل بشكل مباشر فيما يحدث فيها ..
المراقب للتطورات المتلاحقة في فنزويلا منذ اليوم الأول للأزمة هناك، يدرك أن رجل واشنطن في كاراكاس خوان غوايدو لن يعمّر طويلاً في قيادته الفعلية للتمرّد، حتى إن استمر في قيادة الحكومة المناوئة في الظل دون الخروج مجدداً إلى العلن، لا سيما وأن زمن التظاهرات وإحراق الإطارات وإلقاء الخطابات ولّى الآن، وجاء دور الضغط السياسي والضخ الإعلامي وهي الاستراتيجية التي يبرع فيها بومبيو ويترجمها على أرض الواقع حالياً بالقول إن "مادورو وصل إلى مهبط طائرة سعياً للهروب لكن الروس أقنعوه بالتراجع"، قبل أن يدعوه الأخير لـ "التوقف عن الهراء".
"سير منفرد" وخطى وحيدة، لا يحظى ترامب وحكومته في هذه الأيام بالدعم الذي كانت الحكومات الأمريكية السابقة تجده في كبرى عواصم العالم ولا سيما أوروبا، فالموقف الأوروبي الذي طالما تماهى مع السياسات الأمريكية في مختلف بقاع العالم، بدأ يأخذ منحىً مغايراً لما اعتادت واشنطن سماعه من الحاضرين في مؤتمرات بروكسل وباريس وبرلين، والحكومات الأوروبية أدركت حجم المقامرة مع رئيس يتخذ من الابتزاز عموداً يبني عليه سياساته الداخلية والخارجية، وما النأي الأوروبي عن مسايرة ترامب في قراره بضم الجولان للسيادة الإسرائيلية إلا برهانٌ على سياسة أوروبية مرهقة من المغامرات الأمريكية، ولا تدّخر جهداً في سلك طرق أخرى حالما كان ذلك متاحاً، وبعيداً عن حاملي لواء "أمريكا أولاً".
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: