«حارات الحرامية» !

قبل زمن - ليس معروفاً قدره تماماً - أطلق أهل مدينة "الرقة" تسمية "حارة الحرامية"، على واحدة من مناطق المدينة تتصف بالمباني الفخمة، والتي كانت مسكونة من المسؤولين أو المسؤولين السابقين، ولم يكن المسؤول الحديث العهد من شراء منزلاً في هذه "الحارة"، بعد فترة بسيطة من توليه المنصب، وكأنه يعترف علانية بانضمامه لعصبة "الحرامية"، في "الرقة".
وإن كانت "درة الفرات"، وحيدة في توجيه البوصلة بشكل مباشر تجاه الفاسدين من خلال وسمها لحيها الغني بذاك الاسم، فإن الحارة باتت اليوم مهجورة من لصوصها الذين توزعهم الحرب بين محافظات سورية وحواري تركيا وأوروبا، على أنهم ليسوا جوقة اللصوص الوحيدة في البلاد، وإن كان ما تتناقله صفحات مواقع التواصل الاجتماعي حول قضية وزير التربية السابق "هزوان الوز"، صحيحة لجهة الرقم المختلس "٣٥٠ مليار ليرة"، فإن السؤال يقول: «من أين لكل المسؤولين هذه الرفاهية..؟».
إن أياً من المسؤولين يمتلك فجأة منزلا وسيارة علما إن راتبه قبل المسؤولية لا يختلف كثيراً عما بعدها، ومن المعروف أن أسخف منزلاً في دمشق أو سواها لن يقل ثمنه عن عشرة ملايين كحد وسطي للمناطق الشعبية، والرقم يصبح أضعافاً مضاعفة كلما ارتقت درجة الحي الذي يشترى به البيت، وهذا يذكرني بدعابة قرأتها عبر صفحات "فيسبوك"، عن ابن مسؤول كان يبرر كل جديد لوالده ببيع العائلة لـ "شقفة أرض بالضيعة"، وتوالت "شقف الأرض"، بيعا إلى أن المسؤول امتلك بيتاً ومزرعة وعدداً من السيارات.
إن سؤال أي مسؤول سابق أو حالي، من أين لك هذا له مبررات شتى، إلا الفساد، والسرقة المقوننة التي يمكن الاصطلاح عليها بأنها السرقة الناجمة عن عملية فساد في ملف ما تكلف مؤسسة ما مبلغ ضخم ليتمكن السارق من تمرير سرقته ضمن فواتير الملف، وعلى سبيل المثال لا الحصر، يمكن أن تتم سرقة ملايين من تعبيد "أوتوستراد"، ما بمبالغ تصل للمليارات، وقياساً على ذلك يمكن فهم السرقة المقوننة التي يخرج فيها السارق مثل "الشعر من العجين"، نظيفاً نزيهاً مثنياً عليه.
إن "حارات الحرامية"، في كل المحافظات السورية معروفة، وبإمكان الرقابة والتفتيش بكل سهولة أن تراجع عقود البيع المسجلة باسم أيّ مسؤول لتقف على رقم مهول يكون من الطبيعي بعدها السؤال من أين لك وراتبك الوظيفي معروف، و"شقف الارض"، في كل "الضيعة"، لن تكفي لمثل هذا البيت أو تلك المزرعة، وفي وقتنا الحالي لا تكفي حتى سيارة "المحروس ابنك"، أو "مدللة أبوها".
الأمنيات كبيرة بأن يكون "الوز"، أول حبة في مسبحة الفساد، والخشية من أن يكون ثمة من يحاول الثأر من الوزير السابق بفساده على أن يتم "لفلفة القصة"، كما حدث في الكثير من الملفات الكبرى، والخشية الأكبر أن تكون "طفرة رقابية"، سربت لـ" فيسبوك"، على أساس تلميع الجهات الرقابية التي تشير ردود الفعل في مواقع التواصل الاجتماعي إلى قلة الثقة الشعبية بها.
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: