غلطة الوزير بمية ألف!
في مداخلة أمام مجلس الشعب الساكن! هاجم وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية محمد سامر الخليل الصفحات والمواقع، واتهمها بشنّ حملة على زيادة الرواتب والأسعار، وقال إنها «تخلق حالة من التوتر الاقتصادي عالي المستوى، يؤثر في تفكير المواطنين والصناعيين والتجار»!.
ولأن "غلطة الشاطر" التي كانت بألف عندما كانت الليرة بحالة صحية جيدة، فإن "غلطة" الوزير اليوم بمئة ألف، خاصة بعد إعلانه في مداخلته أن «الوضع الاقتصادي يتحسّن»!.
قراءة موجزة في التبعات التي رافقت زيادة الرواتب تقول: «ارتفعت أسعار المواد والسلع الأساسية من 50 إلى 100 ليرة بعد الزيادة.. وزارة التجارة التي حذرت من استغلال هذه الزيادة لرفع الأسعار قامت هي نفسها بمحاباة التجار وإصدار نشرة أسعار رفعت فيها أسعار المواد الغذائية.. ارتفع الدولار بعد الزيادة 150 ليرة، طبعاً كان الدولار قد قفز قفزة مماثلة قبل الزيادة بأيام.. يضاف إلى ذلك أن الزيادة التي تم تحديدها بـ20 ألف ليرة، وصل منها إلى جيب المواطن حوالي 12 ألف ليرة فقط، والباقي التهمته ضريبة الدخل والتأمينات الاجتماعية والاشتراكات النقابية.. إذاً وكما قال الوزير «عالواقع صار شي إيجابي»!.
أما عن الحديث الحكومي المكرر والممل عن دعم الإنتاج، فيمكن الردّ عليه بتصريح واحد لا شريك له لرئيس اتحاد غرف الصناعة فارس الشهابي حين قال «طلع على لسانا شعر ونحن نطالب بما يمكن تحقيقه بسهولة دون تكاليف وبما يضمن تسريع التعافي وتنشيط الإنتاج دون دجوى»، أي أنه حتى الصناعيين والتجار يشتكون من عدم تعاون الحكومة لمواجهة الأزمة!.
كيف يتحدث معالي الوزير عن تحسّن الواقع الاقتصادي، ثم يربط زيادة الإنتاج وبالتالي زيادة العرض في السوق بالقوة الشرائية، ويقول إن زيادة الإنتاج ستؤدي إلى كساد المنتج في السوق بسبب ضعف القدرة الشرائية للمواطنين، يعني باختصار كيف استطاع الجمع بين واقع اقتصادي "متحسّن" وضعف القدرة الشرائية للمواطن؟! والسبب طبعاً عدم تناسب الأجور مع متطلبات المعيشة وأسعار المواد المعروضة في السوق!.
ربط رفع الأجور بالإنتاج هو عذر أقبح من ذنب، فالحكومة ملزمة دستورياً بتأمين أجر عادل للعامل، أي ألا يقل هذا الأجر عن الحد الأدنى للأجور، بما يضمن متطلبات المعيشة وغيرها.. ونحن والحكومة نعلم أن الأجور لا تقترب حتى من 30% من متطلبات المعيشة اليوم.
كنا قد كبتنا في جريدتنا أمس عن الحرب الاقتصادية على سوريا بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، تحت عنوان "سيزر.. لتجويع السوريين"، ونحن ووسائل الإعلام السورية المحلية ومعها المواطنون يدركون أن هناك حصار وعقوبات خارجية لإخضاع هذا البلد بعد أن أخفقت الحرب العسكرية في تحقيق هذا الهدف، ولكن ذلك لا يلغي الأخطاء الداخلية وعدم التدبير التكتيكي والاستراتيجي للحكومة في مواجهة الأزمات المتلاحقة، وترك الحبل على الغارب للتجار المتلاعبين بقوت الناس.
صفحات التواصل الاجتماعي التي هاجمها المسؤول الاقتصادي هي ملك ومتنفس الطبقة الوسطى التي حوّلتها قلّة التدبير الحكومية في ظروف "الحرب الاقتصادية" إلى طبقة "دنيا"، تتسول المازوت والغاز والراتب وكل شيء حيّ وميّت!، وأما عن الحملة الممنهجة في الداخل ضد الليرة السورية فهي تأتي من الرؤوس الكبيرة التي تتلاعب بالعملة والاقتصاد الوطني لصالح أرباحها، وليس من قبل الشعب الصامد "عطشاً وجوعاً من حصار الأقربين الآكلين الشاربين"، قبل أن يكون من حصار دول ماوراء البحار.
يقول غسان كنفاني: «إذا كنا مدافعين فاشلين عن القضية، فالأجدر بنا أن نغير المدافعين لا أن نغير القضية».
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: