Sunday May 19, 2024     
00
:
00
:
00
  • Street journal

فيزياء سياسية

فيزياء سياسية

تقول قوانين الفيزياء السياسية - إن صح التعبير-، إن القوى التكتلات الضعيفة تنصهر بارتفاع درجة حرارة توافق ما، أو بارتفاع سخونة الميدان، وما يحدث في الشمال أن ارتفاع حرارة التوافقات، أدت لارتفاع حرارة الميدان، وبالتالي فإن التكتلات الصغيرة تعمل بطريقة دفاعية من خلال إحاطة جسدها الجغرافي والسياسي بما يؤدي لحفظها من الانصهار، للبقاء لأطول فترة ممكنة.

إن الواضح من مسارعة "قوات سوريا الديمقراطية نحو عقد اتفاق مع الدولة السورية لحفظ وجودها بعد بدء العدوان التركي بمباركة أمريكية، ويفهم بعد التطورات الأخيرة، أنّ الروس أدركوا أهمية توظيف التوافق" التركي - الأمريكي"، حول "شرق الفرات"، ليكون عاملاً محرضاً لانصهار "قسد"، في بوتقة الحل السوري دون أن يكون ثمة تنازلات كبرى، وعجل من هذا التفاعل ذهاب الإدارة الأمريكية نحو الخروج مما اسماه "دونالد ترامب"، بـ "الحرب السخيفة"، ولأن الرئيس التركي أحس بما يمكن تسميته بـ" الخازوق السياسي"، نتيجة تحول "الفيتو الروسي"، من قرار داعم له، لورقة ضغط على "قسد"، لتقبل بشروط الدولة السورية، يذهب نحو التهديد بـ "الاشتباك مع الجيش السوري"، إلا الأمر لن يحدث، فـ" أردوغان"، لن يورط نفسه بحرب واسعة تزيد الانتقاد الدولي له، في وقت يحضر فيه المناخ التركي لفوز حزبه بالانتخابات القادمة.

عبور "الجيش السوري" إلى مناطق شرق الفرات، يأتي بمثابة الخبر الأكثر صحة لملء الفراغ الأمني الذي سينشئ في المنطقة عقب انسحاب القوات متعددة الجنسيات من سوريا، وفي الأمر حماية للمنطقة الشرقية من زوبعة حروب ميليشياوية قد لا تنتهي، وعلى إن قادة "قسد"، قد أحسوا بأن الفيزياء تعني بالضرورة انهيار قلاعهم المبنية من رمل أمام الموج غير المنضبط، ذهبوا نحو بناء سور حول هذه القلاع لحفظ ما يمكن حفظه منها، والدولة السورية لا تمانع بالقيام بواجبها الوطني والإنساني، لكنها لا تذهب لخوض حرب نيابة عن "قسد"، لحناية مشاريع "حزب العمال الكردستاني".

في المنطق السياسي أن ما تعجز عنه بالقوة لن تحصل عليه بالسياسة، خاصة إن جنحت نحو استعراض سمج للقوة والاستقواء بالآخر، وهذا حال "قسد"، بعد سنوات من التعنت السياسي، ومحاولة فرض "الإدارة الذاتية"، أو "الحكم الذاتي"، بالأمر الواقع، وبناء عليه لن يكون ثمة تطبيق لـ"اتفاق أضنة"، لأن الجانب التركي أخل بما يخصه من هذا الاتفاق، وربما كانت العملية العدوانية المسماة "نبع السلام"، إسقاط رسمي ومناسبة لتخلي دمشق عن التزامها في الاتفاقية.

لا يمكن التقليل من حجم الخطر الذي تشكله العملية التركية العدوانية في سوريا، لكنها تندرج تحت" ربّ ضارة نافعة"، فهمت موسكو كيف تتركها تسير في مصلحة الحليف السوري، وعرفت دمشق كيف تستفيد منها في إعادة ضبط موازين القوة في الشمال، وعلى "قسد"، الاستفادة من الريح المواتية لتحولها نحو ضفة العمل الوطني لتكون مقبولة من قبل المجتمع السوري على ألا تعود لحماقاتها السياسية عند أول وعد أمريكي.

المصدر: خاص

بواسطة :

شارك المقال: