Friday March 29, 2024     
00
:
00
:
00
  • Street journal

في «ملف الخبز».. على من تكذبون ؟!

في «ملف الخبز».. على من تكذبون ؟!

تتناقلت صفحات موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، صوراً ومقاطع فيديو تظهر الطوابير الطويلة أمام الأفران، وتكشف بعضها عن انتاج سيء للخبز في وقت يصر فيه المسؤولين على نفي وجود أزمة خبز في البلاد، إضافة إلى محاولاتهم للتقليل من أهمية ما يتم تداوله من صور وتسجيلات فيديو حول المعاناة اليومية للمواطن للحصول على ربطة خبز، فمن الذي يكذب..؟

إن وجود طوابير طويلة أمام الأفران لا يعني بالضرورة وجود أزمة في الكميات المنتجة، فالواقع يقول إن كل من يقف على الفرن سيحصل على مخصصاته من الخبز وإن بعد ساعات طويلة من الوقوف، فلماذا ظهرت هذه الطوابير بعد إدخال الخبز إلى "عالم الذكية"، ووجود هذه الطوابير يعني واحد من ثلاث احتمالات، الأول قلة في الانتاج وهذا منفي بحقيقة أن كل من يقف على الطابور يحصل على الخبز في النهاية، والثاني بطئ في عملية الانتاج وهذا منفي أيضاً بطبيعة أن الأفران لم تبدل أو تخرج أي من خطوط الانتاج العاملة بداخلها، والثالث هو بطئ في عملية البيع، وهذا منطقي فطريقة البيع هي الوحيدة التي تبدلت من البيع المباشر إلى البيع عبر "البطاقة الذكية"، وإذا ما كان المسؤولين عن انتاج الخبز صادقين بكل ما يدلون به من معلومات حول توافر الطحين اللازم لانتاج الخبز، فلماذا لم يفكروا بحل أكثر جدية لإنهاء وجود الطوابير الطويل والتزاحم الذي يصل حد التحول إلى الحركات البهلوانية والمصارعة بين المواطنيين للوصول إلى كوة البيع..؟.

وبما أنّ البطاقة الذكية أدخلت الخبز إلى عالمها بهدف الحد من الهدر وتسرب كميات من الخبز إلى السوق السوداء، فهل يملك المسؤولين إجابة حول كيفية وصول الربطة في السوق السوداء إلى ١٠٠٠ ليرة سورية، ومن أين يحصل الباعة على هذا الخبز إذا ما كانت الأفران ملزمة بتخريج كل ما تبيعه عبر "البطاقة الذكية"، وبالتالي يجب أن تكون عملية بيع الخبز قد باتت تخضع لرقابة على الكميات المنتجة والتدقيق في طريقة بيعها، بمعنى أن الفرن الذي ينتج ٢٠٠٠ ربطة يجب أن يخرج من خلال برامج البطاقة الذكية ٢٠٠٠ ربطة يومياً، فكيف يصل الخبز إلى باعة البسطات والبقاليات دون بطاقة ذكية..؟

الحديث في وسائل الإعلام عن قلة توريد القمح الطري إلى الأراضي السورية يشغل بال المواطن أيضاً، لكنه يفتح باب الكثير من الأسئلة حول عدم وجود خطة حكومية للاستعاضة عن حقول القمح التي تفرض ميليشيا "قوات سوريا الديمقراطية"، سطوتها عليها، وتمنع خروج إنتاجها من المحافظات الشرقية إلى بقية المحافظات السورية، علماً أن القمح المنتج في سوريا هو غالباً من القمح القاسي الذي لا يستخدم أو لا يعتمد عليه بشكل كامل في عملية تأمين الطحين اللازم لسد الاحتياجات السنوية من الخبز لسوريا، وبالتالي ما الذي يمنع وزارة الزراعة عن خلق مساحات جديدة لزراعة القمح القاسي وما الذي يمنعها أساساً من تطوير زراعة القمح الطري في المحافظات الآمنة ليكون بديلاً عن عملية استيراد القمح التي تحتاج حالياً لطرق تتحايل فيها الحكومة على العقوبات المفروضة على البلاد، بدلاً من أن يكون المواطن نهباً للمخاوف التي تدفعه لتخزين أكبر كمية ممكنة من الخبز تحسباً للأسوء.

ثم إن الحكومة التي تقدر على إقامة عقود "مقايضة"، مع نظيرتها الإيرانية لتبيع زيت الزيتون وتشتري زيت عباد الشمس الذي يتم إنتاجه أساساً في سوريا من قبل عدد كبير من المعامل والشركات الخاصة، تقدر أيضاً على أن تقوم بمقايضة المنتجات السورية بما يلزم من القمح الطري لتجاوز الأزمات التي يعاني منها المواطن، كما إن الحكومة التي تمنح التجار رخص لاستيراد المواد الكمالية من أجهزة هاتف محمول أو سيارات فارهة للطبقة المخملية في سوريا، من واجبها أن تلزم التجار باستخدام ذات الطرق التي يتحايلون فيها على العقوبات المفروضة على "دمشق" لاستجرار القمح والمواد الأساسية إلى سوريا لصالح الحكومة، فمن يريد الاستفادة من السوق السورية عليه أن يفيد الدولة بفعل يساعد الحكومة على إبقاء الشعب على قيد الأكل.

إن مسؤولي وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك يصرفون وقتاً في نفي صحة تسجيلات الفيديو أو الصور المتداولة حول جودة انتاج الخبز أكثر من الوقت اللازم للتفكير بطرق يتجاوزن فيها الأزمة الحقيقة، وهم - أي المسؤولين- يتناسون أن من صور هذه المقاطع هو مواطن ومن يتداولها مواطنون، باتوا يجدون في مساحات مواقع التواصل الاجتماعي مكاناً أكثر ضماناً وسرعة لوصول شكواهم مما يعانون إلى المسؤولين ووسائل الإعلام، من أن يتقدموا بالشكاوي عبر الصناديق المخصصة في الوزارات أو الاتصال بالأرقام المخصصة لمثل هذه الحالات، علماً أن هذه الأرقام غالباً ما تكون مشغولة أو معطلة حين الاتصال بها، أو إن الاتصال يبقى دون إجابة أو إفادة.. فما الذي ينتظره المواطن من مسؤول لا يجيد سوى نفي ما يراه المواطن نفسه بأم عينه، فعلى من تكذبون..؟

المصدر: خاص

بواسطة :

شارك المقال: