في ملف «العالقين على الحدود».. حكومة بلا «نخوة».. و«الجمعيات بلا خير»
على أبواب فصل الشتاء وتقلبات المناخ في المناطق الحدودية مع "لبنان"، تستمر معاناة السوريين العالقين بانتظار فرج الحكومة بالتراجع عن قرارها بإلزام العائدين بتصريف 100 دولار أمريكي عند المنافذ الحكومية قبل السماح لهم بالدخول، بما يذكر الشارع السوري بما كتبه الراحل "محمد الماغوط"، في فيلمه الشهير "الحدود"، الذي تاه فيه "دريد لحام"، بين "شرق ستان"، و"غرب ستان"، لأن جواز سفره ضاع منه، إلا أن هؤلاء العالقين.
لا يوجد تعداد دقيق لهؤلاء العالقين، دون أي تحرك من قبل الحكومة أو أيّ من الجمعيات الخيرية لتقديم الدعم المادي أو اللوجستي لهم في منطقة بات العراء فيها ملاذهم الأخير بعد رفض الحكومة السورية إدخالهم إلى وطنهم، ورفض الحكومة اللبنانية عودتهم إلى أراضيها، ومن الغريب أن قضيتهم لم تزل مجرد "بوستات"، تعاطف من قبل رواد مواقع التواصل الاجتماعي، وإن كان البعض يقول بأن هؤلاء لا يريدون تصريف 100 دولار رغم امتلاكهم لها، فإن ما يعانونه يومياً، إضافة إلى غلاء المواد الأساسية التي يحصلون عليها من أجل البقاء على قيد الحياة، قد أجبرهم على إنفاق ما كانوا قد أدخروه من معيشتهم في لبنان، ولن يكون أيّ منهم من أبناء الطبقة المتوسطة أو المخملية ليقبل لنفسه الحياة ولو ليوم واحد في ظروف غير إنسانية لأنه يرفض خسارة مبلغ مالي أياً كان قدره.
اللافت في قضية "العالقين على الحدود"، أن أياً من منظمات المجتمع المدني في سوريا أو لبنان لم تتفاعل معها، ولم تقم أي مبادرة فردية أو جماعية، أو أي جمعية خيرية أو منظمة إنسانية بمحاولة الوصول إلى مكان تجمعهم للوقوف على حقيقة المشكلة، وتقديم أي نوع من الدعم الإنساني لهم ولو على مستوى "سندويشة فلافل"، وتركت هذه القضية بفعل عدة أسباب لتكون نهباً لوسائل الإعلام الموالية لـ"المعارضة"، فهل نعتب على الحكومة لتركها هذا الملف معلقاً، وهل من المعقول أن مثل هذه النقطة تغيب عن بالِ الحكومة والجهات المختصة بتطبيق قرار إلزامية التصريف..؟
قد تحارب الدولة، السوق السوداء، لتصريف العملات من خلال مجموعة من القرارات تلزم المواطن بالتصريف عبر الجهات الحكومة والرسمية، وقد يكون قرار إلزامية تصريف مبلغ 100 دولار عند المنافذ الحدودية من الوسائل التي ترفد الخزينة بكميات من القطع الاجنبي، لكن هل كل السوريين الذين يتواجدون في الأراضي اللبنانية يمتلكون القدرة على الإلتزام بمثل هذا القرار، وهل القاعدة لا تقبل هذه المرة استثنائات من منطلق إنساني..؟
انخفاض درجات الحرارة بالقرب من الشريط الحدودي ليلاً مسألة قاسية على الأطفال العالقين مع ذويهم، ناهيك عن اقتراب موسم الأمطار، ومن غير المنطقي أن يكون العالقين على الحدود هم التجسيد الحقيقي لشخصية "عبد الودود"، التي لعبها "دريد لحام"، في فيلم "الحدود"، ويبقى مصيرهم مجهولاً ومعلقاً بقرار حكومي، وبهذه المناسبة هل يمكن أن تشرح أي من الجمعيات الخيرية والمبادرات المجتمعية أسباب تأخر استجابتها لمثل هذا الحدث إذا ما كان غالبية نشطاء ما يسمى بـ "المجتمع المدني"، قد نشروا عبر صفحاتهم تضامناً مع مسألة العالقين، فهل بتنا في زمن تنتهي فيه المسؤولية المجتمعية بإعلان التضامن عبر "فيسبوك"؟، أو إننا وصلنا إلى مرحلة تصر فيه الحكومة على الفعل الخطأ خجلاً من اعترافها بـ"الخطأ"..؟
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: