Friday November 22, 2024     
00
:
00
:
00
  • Street journal

«في ألعاب الجوع.. يربح الطباخون»

«في ألعاب الجوع.. يربح الطباخون»

 

أيهم صالح

قبل عشر سنوات أو أكثر بقليل إذا سألتَ طفلاً عن طموحه الذي يرغب بالوصول إليه مستقبلاً كنت تسمع الإجابات المعتادة "دكتور، مهندس، طيار..."، أما الآن من المستغرب سماع تلك الطموحات، حيث أصبح أطفالُنا يفضّلون "الفاشينيستا واليوتيوبر وغيرها".

مع بداية الثورة الرقمية التي تلاها ظهور الفيسوك واليوتيوب على الساحة العالمية بدأت تنتشر الفيديوهات المتنوعة عبر التطبيقين وحصدت هذه التطبيقات على نجاحٍ واسعِ الطيف مع اتجاه الجيل الشاب لمواكبةِ الحداثة وتتبع ما يحصل في العالم وإمكانية التواصل عبر الرسائل والدردشة.

كان ظهور التطبيقين ثورة داخل الثورة إنْ صحّ القول، حيث اعتُبرا مصدراً أساسياً للمادة المصورة وانتشرا انتشار النار في الهشيم خلال فترة قياسية.

البعض تلقف الفرصة بسرعة وبدأ بإنشاء حساباتٍ يعرض من خلالها مواده الخاصة سواء كانت ترفيهية أو تعليمية أو حتى بدون هدف واضح. 

واللافت بينها كان فيديوهات الطبخ، التي لاقت رواجاً كبيراً مع ظهور الطاهيين التركيين "بوراك أوزدمير" و"نصرت غوكشيه" حيث انتشرت مقاطع الفيديو الخاصة بهما عبر العالم وأصبحا من مشاهير السوشال ميديا.

وعالمنا العربي كالعادة كان متلقٍ ممتاز للمواد المعروضة على الشبكة إلى أنْ بدأ بعض الشباب العرب المشاركة في صناعة هكذا محتوى في محاولة لتصدر السباق عربياً على هذه الساحة الجديدة من مبدأ "اللي بيسبق بياكل بندق".

متى ما بدأتَ باستخدام تطبيقات السوشال ميديا لابدّ أن تقع عينيك على أحد الطهاة الباحثين عن الشهرة أو الساعين لمكسب مادي فظهرت مهن لم نعتد عليها في بلادنا سابقاً مثل متذوق الطعام والـ"food blogger".

أرقام قياسيَّة وصلت لها مشاهدات هذه الفيديوهات تدفع البعض للتساؤل عن سبب انتشار هكذا نوعية من الفيديو على حساب فيديوهات أخرى قد تكون تحمل المعلومة والمعرفة.

وأهم أسباب نجاح هذه الفيديوهات هو لجوء المتلقي للاستسهال في اختيار المحتوى حيث يميل إلى مشاهدة المادة التي لا تتطلب جهداً أو تركيزاً.

وقد يكون متابعة هذا النوع من الفيديوهات هو هروب من ضغط العمل والواقع سواء كان سياسياً أو اجتماعياً أو اقتصادياً.

الوضع المادي للمتلقي أيضاً يلعب دوراً في ذلك حيث من ليسَ بإمكانهِ أن يشتري طعاماً كالذي يشاهده يكتفي بالمشاهدة فقط كي يملأ معدته وهمياً، بتطبيق عكسي للمثل القائل "طعمي التم بتستحي العين".

لا مجال للسيطرة على الكم الهائل من المواد المتدفقة عبر السوشال ميديا، أصبحت توجه وتصنع الرأي العام وتغير اهتمامات شعوب بأكملها.

وبعيداً عن نظرية المؤامرة لكن المجتمع العربي هو حقاً في عين العاصفة الإلكترونية وهو سعيد بذلك.

وفي جميع المجالات عندما يكثر الطباخون تحترق الطبخة.

فما أكثر الطباخين في هذه البلاد "على أكثر من صعيد" وما أكثر الجياع "على جميع الأصعدة".

المصدر: خاص

بواسطة :

شارك المقال: