Saturday November 23, 2024     
00
:
00
:
00
  • Street journal

فنانون تعرضوا له!

فنانون تعرضوا له!

جوان ملا

 

باتت وسائل التواصل الاجتماعي مرتعاً لكثير من الأشخاص المصابين بالتنمّر، فاعتبروا هذه الوسائل متنفّساً لهم كي يعبروا عن كلماتهم السيئة وألفاظهم البشعة التي يبدو أنها تريح نفسيتهم حين كتابتها.

ولمن لا يعرف ما هو مصطلح "التنمّر"، فهو ظاهرة عدوانيّة وغير مرغوب بها تنطوي على مُمارسة العنف والسلوك العدواني من قبل فردٍ أو مجموعة أفراد نحو غيرهم ومحاولة إيذائهم جسدياً أو نفسياً، وتنتشر هذه الظاهرة في المدارس غالباً بين الأطفال، حيث يحاول الطفل القوي إيذاء الطفل الأضعف منه لتنفيذ طلباته مثلاً، فهي إذن ظاهرة نفسية خطيرة يجب الحد منها.

إنما يبدو أن الأطفال ليسوا وحدهم من قد يُصابون بهذا المرض، بل أيضاً هناك العديد من الأشخاص الذين يعانون منه، ويتضح هذا في العديد من الصفحات، لا سيما صفحات الفنانين الرسمية، ولعل الفنانات الإناث أكثر عرضة من الذكور لهذا التنمر الذي أُطلِقَ عليه "التنمّر الإلكتروني".

حياةُ الفنانين الشخصية أصبحت على الملأ في كثير من المواضع، فهم مضطرون الآن في ظل هذا التطور الإلكتروني لمشاركة أساليب حياتهم على السوشال ميديا، ولكن على من يتابع هذا الفنان أو تلك المغنية أن يعرف جيداً أن كل ما ينشرونه على صفحاتهم الرسمية ليس إلا جزءاً من يومياتهم أحبوا مشاركتها لجمهورهم وعلى الجميع أن يتقبل منشورات الفنان وفي حال لم تعجبه، فمن الممكن أن ينتقدها بشكل بنّاء ولطيف من خلال نصيحة توحي بالمَحبّة، إنما ما يحدث على وسائل التواصل يثير القرف والاشمئزاز في كثير من الأحيان، فمثلاً حين تقوم فنانة بنشر صورة لا تظهر فيها بشكل مناسب أو جميل، أو أنها ارتدت فستاناً غيرَ متقنَ الصنع، أو لا يعجب "المتشددين"، تقوم الدنيا ولا تقعد، وكأنها ارتكبت جريمة لا يمكن غفرانها، فتنهال التعليقات السلبية عليها بعبارات وقحة في كثير من الأحيان "من تحت الزّنّار"، منتهكين كرامتها وشاتمين لأهلها أو شامتين بها، وكأن من ينعتونه بهذه الصفات ليس بشراً مثلهم، أو أنه جماد لا يشعر.

يزداد هذا التنمّر الإلكتروني بشكل بشع في مجتمعاتنا العربية، على عكس المجتمعات الغربية التي يوجد لديها هذه الظاهرة لكن بنسبة أقل إجمالاً، فنشاهد تعليقات عربية سيئة أكثر من الأجنبية تجعلنا في كثير من الأحيان نعزف عن دخول المنصّات الإلكترونية.

وتكاد لا تخلو صفحة فنان أو فنانة أو حتى صفحات أخرى تتكلم عن أشياء مختلفة تماماً غير فنية من هذه الظاهرة، ويبدو أن لا أحد يستطيع الحد من هذا المرض حتى مخترعي الفيسبوك والإنستغرام وتويتر، فقد تعرضت الفنانة "شيرين" لتعليقات متنمرة واسعة حين نشرت صورتها بدون مكياج على صفحتها الرسمية، كذلك حصل مع الفنانة "أمل عرفة" حين ظهرت في أحد صورها بلا تبرّج، وحدث التنمر ذاته مع ملكة جمال "الجزائر" الجديدة واتهامها بالبشاعة، ولم تخلُ صفحات الفنانات الجميلات أيضاً من التعليقات البشعة، فتتعرض "هيفا وهبي" لذات المشكلة حين ترتدي فساتيناً مكشوفة لينعتها البعض "بالفاسقة والعاهرة"، وكذلك غيرها من الفنانات مثل "رانيا يوسف" مؤخراً.

منذ فترة انطلقت حملة بين الفنانين، وأصبح هاشتاغ "أنا ضد التنمر" ترند على صفحات السوشال ميديا، وشاركه العديد من نجوم الفن والإعلام أيضاً مثل "أحمد حلمي"، وزوجته "منى زكي"، "سيرين عبد النور، "حلا شيحة"، شريف مدكور" وغيرهم، ولعل الفنانة "شكران مرتجى" كانت أكثرهم تفاعلاً، كونها صرحت عن تعرضها للتنمر في بداياتها الفنية بسبب شكل أنفها الذي أجرت له عملية تجميل فيما بعد، ووضّحت جملة "أنا ضد التنمّر" مَن أكثر الفنانين الذين مازالوا يعانون من مرضى التنمر، وقد عانت شكران وغيرها من "التنمر الإلكتروني" ونالوا من الألفاظ النابية والسُّباب الكثير للأسف.

وتكمن مهمة المجتمع المدني هنا في التوعية ضد مخاطر التنمّر بكافة أشكاله، وربما يتوجب على مبتكري وسائل التواصل الاجتماعي أن يضيّقوا من حدود التعبير على المتنمّرين للحد من خطرهم، والحفاظ على سلامة نفسية المُتَنَمَّر عليه والمتابعين الأسوياء، ولعل عدم اكتراث الفنان أو حتى الإنسان العادي من عبارات التنمّر ومتابعة مسيرة عمله ونجاحاته هو أكثر ما يمنح الثقة لنفسه ويجعل لذاته قيمة تغيظ المتنمِّر فتحدّ من نشاطه المَرَضيّ.

 

المصدر: خاص

شارك المقال: