فخر عربي جديد
جوان ملا
اتجهت أعين الجميع نحو "هوليوود" ليلةَ أمس الأحد 24 شباط / فبراير لمشاهدة الحدث الفني الأبرز في العالم والذي تجاوز التسعين عاماً على بدئه.
"جوائز الأوسكار" كانت حديث الصحافة والناس في كل مكان لما لهذه الجائزة من أهمية تفوق غيرها، وكان للعرب دورٌ بارز هذه المرة، كيف لا وهناك عدد من المرشحين العرب عن جائزة الأوسكار لأفلامهم؟.
فالمخرجة اللبنانية "نادين لبكي" كانت تنتظر أن يحصل فيلمها الأخير "كفرناحوم" على الجائزة وهو الأمر الذي لم يحصل، حالها كحال المخرج السوري "طلال ديركي" الذي رُشِّح فيلمه الوثائقي القصير "عن الآباء والأبناء" للجائزة لكنه لم ينلها.
العربي الوحيد أو بالأحرى ذو الأصول المصرية "رامي مالك" استطاع أن ينال الجائزة عن فيلمه "Bohemian Rhapsody" ويتناول الفيلم قصة الفرقة الإنكليزية الأشهر Queen والطريقة التي بدؤوا بها خط سيرهم نحو عالم الشهرة، ويلعب "رامي مالك" في الفيلم دور "فريدي مركوري" وهو المغني الرئيسي في الفرقة، ليتحدث عن كيفية نهوضها تدريجياً ورحلاتها المختلفة في العالم.
يدخل العمل في تفاصيل الحياة الشخصية لفريدي والذي كان اسمه "فاروق" وهو من أصل باكستاني وينتمي للديانة الزرادشتية، هاجر مع أهله نحو "بريطانيا" خوفاً من الاضطهاد في بلدهم ليغير اسمه لاحقاً من "فاروق" إلى "فريدي"، ويتزوج من امرأة أحبها.
بعد ذلك يُفاجَأ المشاهد بالكشف عن الميول الجنسية لـ"فاروق" فهو مثلي الجنس ما يدفعه لاتخاذ قرار في الانفصال عن زوجته ليعيش آخر لحظاته مع شاب مثله حتى يفارق الحياة.
فوارقٌ مختلفة تشهدها أحداث الفيلم لن نتكلم عنها منعاً من حَرق الأحداث لِمَن لم يشاهد العمل، لكن ما يثير الانتباه أن العرب من فنانين وأشخاص عاديين كانوا فخورين كل الفخر بابنهم "رامي" الذي حقق نجاحأً قلّما يحققه عربي آخر.
الغالبية من الفخورين ربما لم يشاهدوا أحداث الفيلم الرابح، فرامي يؤدي دور شخص مثلي الجنس وبالطبع لو لم يكن مقتنعاً بالشخصية لَما أداها وتبنّاها ما أهّله لنيل الأوسكار رغم أنه في الواقع ليس مثلياً.
وفي ظل الانفتاح ومنح الحقوق للأقليات الجنسية في الدول الأوروبية وأمريكا وغيرها من بعض الدول الآسيوية، يبقى مجرد التكلم عن هذا الموضوع عند العرب هو أمرٌ مشين ويؤدي إلى كوارث وفضائح قد تودي إلى جرائم قتل في مجتمعٍ يقبع فيه المثليون بالخفاء دون أن يظهروا للعلن خوفاً من السكاكين والرصاص و"حدّ القتل".
في حال شاهد العرب هذه القصة الزاخمة بأحداث كثيرة فإن الغالبية العظمى منهم سينبذون ما تلقّته أعينهم من على الشاشة، وقد يعتبرون أن "رامي مالك" يشجع على الفسق والفجور ويهين المجتمع العربي وتقاليده بأدائه لهذا الدور خصوصاً أنه عبّر عن فخره فيه وشجّع على صناعة مثل هكذا قصص سينمائياً كما قبّل حبيبته قبل الصعود على خشبة المسرح في حين تُعتبر هذه القبلة العلنية عار عند الكثيرين من الشعوب العربية.
لن يتقبل غالبية العرب عموماً والمصريون خصوصاً ابنهم المهاجر وهم يجدونه صانعاً مجداً على حساب قصة رجل مثلي الجنس ولعل نظرة الفخر تلك ستختفي كلياً عن وجوههم إذا ما شهدوا أحداث فيلم Bohemian Rhapsody متناسين الموهبة الكبيرة التي يتمتع بها رامي والقضايا الإنسانية التي يطرحها بطريقة احترافية قل نظيرها
"رامي مالك" اعترف بأصوله المصرية في الحفل معتداً بها، فهل يسمع من شعبه يوماً ما عبارة "أنت لا تمثلنا" و يشتمونه بأبشع العبارات؟ أم سيتقبلون القصة ونجاحها الكبير وانتشار هذه الظاهرة التي باتت حقيقة واقعة لا يمكن نكرانها عالمياً؟
المصدر: خاص
شارك المقال: