دليل المُستخدم في طق البراغي المُتقدِّم
بديع صنيج
إذا لم تكن مُجرِّباً لـ«طق البراغي»، فمن المؤكد أنك حظيت بعدَّة «طقَّات» مختلفة الشِّدّة، زعزعت كيانك، وحرَّكت كُرسيّ وظيفتك، أو هشَّمته، لدرجة بات السؤال عن سبب تحوّله إلى عادة اجتماعية يومية عند الكثيرين مؤرقاً، وعلى الرغم من اختلاف تسمياته من «كتابة التقرير» إلى «طق البرغي» إلى «دق الإسفين»... إلا أن المفعول مُتقارب إن لم نقل واحداً، ولكن ما يختلف هو حجم البرغي أو طول الإسفين أو زخم التقرير، والمرتبة الإدارية للشخص الذي يُطق عنده البرغي.
وبالعودة إلى أسباب انتشاره يقول مُحلِّل اجتماعي أنه يُشعِر فاعِل تلك الفعلة المرذولة بنشوة الانتصار، ويزيد عنده هرمون "الدوبامين" المسؤول عن السعادة زيادة ملحوظة، خاصةً إن كانت «الطَّقّة ماكنة»، بحيث تترك المفعول به منصوباً على همِّه وظُلمِه وسوء مآلِه لأطول فترة ممكنة قد تمتد مدى الحياة.
للتحليل النفسي رأي في هذا الموضوع، إذ يعزوه إلى مجموعة من عُقَد النَّقص، التي لا تكتمل من دون الإساءة والأذى، ومنشؤها قد يعود لجينات «كيدية» يحملها الإنسان من أمِّه أو أبيه أو من أسلافه السافلين، وتالياً لا يتحقق التوازن الواهي لـ«طقِّيق البراغي» بلا المحاولات المُتكرِّرة لتبخيس الآخرين حقَّهم، والسعي لخلخلة توازنهم وزعزعة استقرارهم، سواء أكان ذلك على الصعيد الاجتماعي أو الوظيفي أو حتى الاقتصادي.
محلل إداري يوضح من جهته أن كتابة التقارير أو «دق الأسافين»، ترجع إلى إحساس بالدونية تجاه الآخرين، وعدم القدرة على تخطِّيهم بالطرق المشروعة، لذلك يلجأ إلى الأساليب الملتوية، ويُعزِّز مقدرته في تخطي الحواجز غياب معايير التقييم الوظيفية الواضحة والدقيقة، ما يُساهم في تحقيق غايات صاحب «الخط الحلو»، لاسيما إن كان الجالس على كرسي المسؤولية ومُستلم زمام القرارات وصل إلى منصبه نتيجة «طقّة برغي» من النَّوع الحارق الخارق، فيصبح عنده الترفع الوظيفي مرتبطاً بسوية وطول البرغي والمهارة في «طقِّه»، لدرجة لا يعود الرجل المناسب في المكان المناسب، وإنما «طقيق البراغي» المناسب في المكان المناسب، بحيث تنزاح كل القوانين المنطقية لاستلام سَير الأمور الإدارية، ليحل محلّها أنظمة «الوُشاة» و«كتِّيبة التقارير» و«دليل المُستخدِم في طق البراغي المتقدِّم»، نجَّانا الباري منهم ومن براغيهم، وجعلها من النَّوع المُرتَدّ على أصحابها، قولوا: «آمين».
المصدر: خاص
شارك المقال: