بارقة أمل لكسر القيد الأمريكي على دمشق
عبد الغني الحمد
لم تنفصل سوريا بجغرافيتها الشرقية الواسعة عما حدث في الجانب العراقي خلال المراحل التي مرّ بها في العقود الأخيرة، فمع كل حدث أثر إيجاباً أو سلباً بالعراق، كان التأثير يمتد إلى المنطقة الشرقية من سوريا، بحكم الوحدة الجغرافية والعوامل والبيئة المشتركة بين الجانبين، وبطبيعة الحال فإن المنطقة الشرقية السورية ألقت بتأثيرها المعاكس أيضاً، ومع انهيار تنظيم داعش مؤخراً في المنطقة التي سيطر عليها بين البلدين، باتت سبل الوصال أكبر من ذي قبل، خصوصاً مع التقارب السوري العراقي مؤخراً.
وما يعزز من فرضية التعاون السوري العراقي أيضاً، هو تغريد الجانب العراقي في سرب آخر بعيداً عن الأمريكي في كثير من الأمور، أي أن بغداد خرجت -ولو جزئياً- عن وضع فروض الطاعة للسياسات الأمريكية، وهو الحال الذي كان سائداً في وقت ليس ببعيد، حتى بات القرار العراقي يصاغ بشكل يخدم الهدف الوطني بالدرجة الأولى.
الاجتماع السوري العراقي الإيراني، أعاد ترتيب الأوراق التي خلطت خلال مرحلة طويلة امتدت لأكثر من عقد زمني، وتأكيد رئيس الأركان العراقي عثمان غانمي على إعادة فتح المنفذ الحدودي بين العراق وسوريا، يشكل نقطة التقاء ثلاثية في المستقبل، ستؤتي أكلها ليس سياسياً فحسب وإنما اقتصادياً أيضاً، إذ أن الحدود المفتوحة بين البلدان الثلاثة من خلال المعبر تعني انتعاشاً اقتصادياً للبلدان الثلاثة، من شأنه أن يخفف من تبعات العقوبات الأمريكية على كل من إيران وسوريا.
الأكاديمي والخبير الاقتصادي السوري سامر أبو عمار تحدث لجريدتنا عن الإيجابيات المحتملة لفتح المعبر الحدودي، حيث "أكد أن وجود خط بري سيكون أفضل من باقي الوسائل لاسيما الجوية، على اعتبار أنه سيكون منخفض التكاليف، إضافة لسرعة التواصل بين الأطراف المعنية"، كما أشار أبو عمار إلى الحالة التي يمكن من خلالها الاستفادة بالشكل الأمثل من فتح المعبر، وتتمثل بتبادل سلع مقابل سلع أو خدمات، وهو ما يتطلب وجود خطة ودراسة عن ماهية السلع والخدمات التي تحتاجها كل من الأطراف الثلاثة، لإيجاد طريقة تجارية تصب في مصلحة الدول الثلاث"، وتكسر شيئاً من تبعات العقوبات الأمريكية المفروضة على كل من دمشق وطهران.
بالمقابل، حذّر أبو عمار من التهديد الذي قد تتعرض له القوافل التجارية بين البلدان من القوات الأمريكية الموجودة في الصحراء السورية، وتوقّع أن يكون حجم التبادل ضعيفاً، ما لم يكن هناك تنسيق مع الجانب الأمريكي من قبل العراقيين، أو تفاهم على ماهية التبادل التجاري، لذا توقّع الخبير الاقتصادي أن يكون هناك تصريحات مقبلة في الأيام القادمة تساهم أكثر في إيضاح الموضوع.
لا شك أن قرار فتح المعبر الحدودي بين سوريا والعراق هو قرار سوري عراقي محض، وإذا ما تم وفق ما أعلن اليوم خلال المرحلة المقبلة فسيكون تعزيزاً للقرار السيادي في كلا البلدين، وقوة في الخروج من المشاكل الاقتصادية التي ستكون مرهقة للجانب السوري إن استمرت العقوبات الأمريكية، وهو ما تخطط دمشق لتلافيه بهذه الحلول، أو غيرها أيضاً.
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: