بعد صيام منذ 2013 ...صدقة حكومية على رواتب الموظفين !!!
محمد الواوي
وحده الله يعلم كيف يعيش موظفو سوريا برواتب يبلغ وسطيها 25 ألف ل.س، فبعد أن صام الموظفون سنوات دون أن تتحسن أجورهم قرشاً بمقابل غلاء فاحش، ظهرت أخيراً تسريبات تلمح بأن الحكومة ستزيد الرواتب بمقدار 10% !!!. ربما من باب الدعابة أو حتى الصدقة على الشعب خلال شهر رمضان كما يصفها خبراء اقتصاديون.
وكان موقع إخباري نقل عن مصدر في مجلس الشعب قوله إن هناك عدة خيارات مطروحة بما يخص زيادة الراتب، متوقعاً أن تصدر بعد التعرف على الوفر المادي الذي سيؤمنه موضوع إلغاء الدعم على البنزين خارج مخصصات البطاقة الذكية الشهرية.
وقال المصدر إن الخيار الأقرب للتطبيق هو إضافة التعويض المعيشي لأصل الراتب ثم منح زيادة مقدارها 10% فقط !، وهذا يعني أن الذي يبلغ راتبه مع التعويض المعيشي اليوم 30 ألف ليرة، فإن الزيادة المفترضة ستكون 3000 ليرة وهكذا.
أخبار الزيادة وشائعاتها ليست وليدة اليوم، فرئيس الحكومة عماد خميس ذكر في نهاية آب 2018 بأن حكومته تدرس زيادة الرواتب والأجور بنسبة 25% وقد تصل إلى 50%، واستمر الموظفون على أمل الزيادة فترة تزامناً مع تسريبات يطلقها المسؤولون بين حين وآخر لكنها وعود ذهبت مع الريح دون أن يقدم أحد اعتذاراً إلى المنتظرين بغصة خبر الزيادة.
وللتعليق حول الموضوع ..يؤكد د.شفيق عربش (أستاذ في كلية الاقتصاد – جامعة دمشق) في تصريح لـ "جريدتنا" بأنه إذا أضفنا تعويض المعيشة إلى أصل الراتب، فأدنى زيادة هي 3 آلاف ل.س وأعلى زيادة هي 6 آلاف ل.س فهي "صدقة" وليست تحسيناً للأوضاع.
ويقول د.عربش "هناك ضريبة دخل بنحو 1600 ل.س على وسطي الرواتب ما بين 25 و 30 ألف ل.س، تلحقها 1100 ل.س ستذهب إلى الراتب التقاعدي، فيصبح لدينا 2700 ل.س خصم من الزيادة المرتقبة المقدرة بـ 4000 ل.س، أي أن الزيادة لن تتجاوز 1300 ل.س بأحسن حالاتها!!!".
ويكمل د.عربش "عليهم أن لا يتحدثوا عن زيادة رواتب بل عن صدقة رمضانية !!!، فمنذ شهر حزيران عام 2013 لم تتحرك الرواتب في سوريا، و إذا كانت زيادة الرواتب 10% فالأفضل عدم إقرارها".
ويرى د.عربش بأن الحكومة تنظر إلى الشعب على أنه متسول أو فقير تجوز عليه الصدقة عندما يدعو الوزير تجار سوريا بالتصدق على الناس وعدم رفع أسعارهم. فالوزارات تتهم التجار برفع الأسعار، ولم ينتبه أحد بأن الحكومة نفسها رفعت أسعار اللحوم مثلاً 9% في مؤسساتها الأسبوع الماضي.
وينوه د.عربش إلى أن الرواتب يجب أن تزيد 40% في حدها الأدنى، وإذا سلمنا بأن آخر دراسات المكتب المركزي للإحصاء تشير إلى أن إنفاق الأسرة السورية المكونة من 5 أشخاص هو بحدود 115 ألف ل.س شهرياً، ولو افترضنا بأن للأسرة معيلان كلاهما من العاملين في الدولة بمتوسط أجور هو 25 ألف ل.س، فمجموع راتبهما يصل إلى 50 ألف ل.س يضاف إليه تعويض غلاء معيشة بنحو 23 ألف ل.س، هذا يعني أن راتب المعيلين هو 73 ألف ل.س، ولكي يصلوا إلى إنفاق الأسرة بحسب "المركزي للإحصاء" المقدر بـ 115 ألف ل.س يجب أن تبلغ الزيادة نحو 80% على وسطي الرواتب !!!.
ويشدد د. عربش بأن بيانات المكتب المركزي مخالف لدراسة سابقة عن الأمن الغذائي في سوريا تقدم بها المكتب نفسه عام 2018، تؤكد بأن حاجة الأسرة السورية المكونة من 5 أشخاص هي 325 ألف ل.س شهرياً، وبعد رد وصد ما بين المكتب المركزي وهيئة تخطيط الدولة والحكومة تراجعوا عن الدراسة الأولية لأنهم يريدون أن يضيعوا حقيقة الأرقام بما يخدم كلامهم.
ويذكر د.عربش بأن هناك ارتفاع كبير في الأسعار مقابل هزالة الرواتب والحكومة لا تملك أي إجراء، فإما هي شريكة في الأمر، أو أنها عاجزة، فإذا كانت شريكة فهو أمر غير مقبول، أما إذا كانت عاجزة فلتذهب إلى (مأوى العجزة).
وخاتمة القول فأن الصراحة بين الشعب وحكومته هي أكثر الأشياء غياباً، في ظل تسريبات وتصريحات تلعب بمشاعر الموظفين وتوهمهم بآمال معلقة.
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: