Friday November 22, 2024     
00
:
00
:
00
  • Street journal

عزيزي المواطن.. تعبتنا !

عزيزي المواطن.. تعبتنا !

لم تشهد سنوات الأزمة السورية نشاطاً وزارياً كما هو الحال خلال أزمة مرض "كورونا"، الذي حولها إلى خلية نحل نشطة تحاول اتباعا أعلى درجات الحرص والسلامة من انتشار المرض الذي يضرب كل دول العالم، وإن كانت الدول التي توصف بـ "المتقدمة"، تسجل أرقاماً مرتفعة في عدد حالات الإصابة والوفيات، فإن ذلك يعني بالمطلق أن دولة تعاني من حرب فرضت عليها منذ تسع سنوات ونيف، مرشحة لتسجيل أعداداً إضافية من الإصابات، وسط فوضى شعبية – إن صح التعبير- واستهتار تظهره مواقع التواصل الاجتماعي بحجم الخطر المحدق بالبلاد.

لا يمكن للحكومة أن تواصل العمل على إبقاء الحياة مستمرة في سوريا وسط تجاهل المواطن لضرورة الالتزام بإجراءات الوقاية وعدم الخروج من المنزل إلا للضرورة، وإن كانت "أزمة كورونا"، تتزامن مع أزمات أخرى كالتقنين الكهربائي وبطئ في الانترنت، فإن على المواطن أن يلتزم بما يضمن سلامته الشخصية قبل كل شيء، وألا يتضرع بسوء الخدمات ليغادر منزله بحثا عن الترويح عن نفسه ضارباً بعرض الحائط بمعايير السلامة، ما سيجعل من خيار فرض "حظر التجوال"، بشكل كامل وليس جزئي ضرورة من قبل الحكومة بما يمنع المواطن من التحول إلى "رقم"، في بيان الأعداد التي سيعلن عنها كمصابين بـ "فيروس كورونا"، الأمر الذي يجعل من السهل القول إن الحكومة كفرّت بنشاطها لحماية المواطن عن كل خطايا التقصير خلال سنوات الأزمة.

في مدينة "ووهان"، الصينية، حجرت الحكومة هناك على 11 مليون مواطن داخل منازلهم، وكان من الطبيعي أن يكون ثاني أكبر اقتصاد في العالم على تأمين احتياجات السكان من المواد الأساسية والخدمات الطبية الضرورية للأمراض الأخرى ضمن منازلهم من خلال توظيف إمكانات الدولة في تحقيق أهداف الحجر الصحي الذي فرضته على مواطنيها، وعلى المواطن السوري التبصر بواقع الاقتصاد في بلاده قبل أن يكون عامل ضغط على الحكومة فيجربها على اتخاذ إجراء "حظر التجوال"، لتضمن سلامة المواطن دون أن يكون ثمة قدرة غير مستنزفة لإمكانات الدولة في تأمين احتياجات السكان، الأمر الذي سينعكس على ملايين السوريين ممن يكسبون عيشهم من خلال العمل اليومي.

إن المنطق يقول أن من يخرج للتنزه والبحث عن المتعة تحت أشعة الشمس يكون من ذوي الدخل المتوسط، إلا أن معرفة إن الحرب شطرت المجتمع السوري إلى طبقتين فقط هما ذوي الدخل المحدود جداً، وطبقة الأثرياء، فإن على الطبقة الأولى أن تستفيد من فترة أزمة كورونا في ضبط نفقاتها، فبعملية حسابية فإن توفير "المشاوير"، والالتزام بعدم الخروج من المنازل إلا للضرورة القصوى، سيوفر نوعاً ما من المصروف الشخصي للفرد والأسرة، مع الحفاظ على إمكانية خروج من يحتاج للعمل للسعي خلف رزق عياله، ما يعني إن التزام غير المضطرين للخروج من المنازل سيفضي إلى استمرارية الحياة بالنسبة للمضطرين، وعلى ذلك فإن إجراءات الوقاية من انتشار مرض كورونا هي إجراءات تكافل اجتماعي وإحساس بالآخر، وهي ثقافة يجب أن يتمسك بها المواطن السوري بدلاً من استمرارية تمسكه بالأنانية الفردية، والتخلي عن هذه الأنانية سيكون درساً مجتمعياً يأخذنا نحو تنفيذ خطوات لاحقة في مرحلة ما بعد هذه الأزمة لتطوير المجتمع والسير به نحو حالة أفضل.

إن البيانات التي تصدر عن الحكومة فيما يخص أعداد الموقفين المخالفين لتعليمات "حظر التجول" المسائي"، الذي أقرب قبل ثلاث أيام، مع الصور التي تتناقلها مواقع التواصل الاجتماعي للمتنزهين والباحثين عن "متعة شمس الربيع"، ناهيك عن صور الازدحام على أبواب الأفران وصالات السورية للتجارة وعلى طوابير الغاز، لا تعكس إلا صورة مجتمع يصر على التمسك بـ "قانون الغابة"، وكأننا نأمل من الحكومة أن تطلق ثقافة "البقاء للأقوى"، وبالتالي "نتركها على الله"، وهذا ما سيجعل من "كورونا"، مرضا فتاكاً إن استمر غياب الوعي من قبل المواطن.

ثم إن المواطن الذي لطالما طالب الحكومة بتحسين الخدمات وصوب نحو تقصيرها في هذا الملف أو ذاك، مطالب اليوم باحترام النشاط الحكومي وأن يكون مساعداً على تجاوز الأزمة التي يعيشها كوكب الأرض بأقل خسائر ممكنة في سوريا، فكل الوزارات والهيئات الصحية والأمنية تعلم اليوم على سلامة المواطن، إلا أن المواطن مصر على أن يعمل ضد نفسه.. فما الذي يجب أن تفعله الحكومة لكي تضمن سلامتك عزيزي المواطن، غير الحظر الكامل..؟

المصدر: خاص

بواسطة :

Johnny Doran

Chief Editor

شارك المقال: