«أثرياء الحرب» يقطفون «الحصانة».. «حلب إنموذجاً» !
أثارت التسريبات حول نتائج انتخابات مجلس الشعب في "محافظة حلب" الكثير من الجدل، فما بين مهاجم ومرحب بنجاح القائمة التي يحضر اسم أحد أشهر "أثرياء الحرب"، ضمنها، خرج عضو مجلس الشعب السابق "فارس الشهابي"، ليوضح في سلسلة من المنشورات عبر صفحته الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، أسباب عدم تمكنه من الفوز بمقعد في البرلمان، والتي جاء أساسها في "مؤامرة خبيثة"، أدراتها وفقاً لما كتب "أموال النفط المسروق"، في محاولة واضحة للإشارة إلى أحد الناجحين في القائمة المنافسة له.
المشكلة الحقيقية تمكن في وجوب معرفة مصدر الأموال التي أديدرت من خلالها الحملات الانتخابية، ولماذا كان بعض المرشحين مكتفياً بالإعلانات الطرقية ومنصات مواقع التواصل الاجتماعي، فيما ذهب البعض نحو إقامة الولائم وتوزيع المنح والهداية على من ينتخبه، وصولاً إلى المضافات والحفلات الغنائية الساهرة التي أحياها هذا المرشح أو تلك القائمة، ومن ثم يجب التدقيق في الآلية التي تحول فيها شخص من "خياط في مدينة الرقة"، إلى واحد من أهم أصحاب الثروات في الحرب، وكيف تمكن من إلصاق لقب "شيخ"، باسمه بين أبناء عشيرته في حلب..؟، ثم يجب السؤال عن آلية إدارة هذا المرشح لحملته الانتخابية وهل حقاً قام بشراء الأصوات بمبالغ مالية يقال إنها تراوحت بين ١٠-١٥ ألف ليرة سورية، وهل كان مندوبيه في المراكز الانتخابية يمارسون "التشبيح"، على من لا ينتخب مرشحهم..؟.
تحتاج حلب إلى أصوات صناعية تمثلها في المجلس، ومن الطبيعي أن يكون من بين المرشحين رجال أعمال وصناعيين يحاولون الوصول إلى حق محاسبة ومسائلة الحكومة القادمة فيما تقدمه للعاصمة الاقتصادية والصناعيين الذين من شأنهم أن يقوموا بالعملية الصناعية وإعادة الانتاج في حلب إلى مرحلة ما قبل الحرب أولاً، والانطلاق نحو إنعاش الاقتصاد من بوابة التصنيع الحقيقي، لكن هل القائمة التي سرب نجاحها عبر مواقع التواصل الاجتماعي ستقوم بهذه المهمة، وهل سيقوم من أنفق "مليار ونصف المليار ليرة سورية"، على حملته الانتخابية سيجد وقتاً لـ "محاسبة الحكومة وتمثيل المواطن"، تحت قبة مجلس الشعب أمّ أن ضرورة تعويض ما أنفق ستشغله أكثر..؟، وكيف يضمن المواطن أن يكون أحد أثرياء الحرب، والذي لم يشغله شيء في سنوات الحرب مثل الصعود إلى مصافي "الطبقة المخملية"، في المجتمع السوري، أن يكون ممثلاً حقيقياً له في الانتخابات..؟.
انتخابات مجلس الشعب في حلب وما يثار حولها من مسائل قد تعكس مخالفات قانونية كبرى، يجب أن تكون بوصلة للجهات القانونية في البحث والتساؤل بما يحقق العدالة القانونية، فمن باب أولى أن يكون من بين الناجحين شخصيات يشهد لها مجتمعياً بالنزاهة وحمل هموم المحافظة على كامل المستويات، لا أن يكون صناعياً يريد تحسين وضع الصناعيين في المحافظة وحسب، ولا أن يكون تاجراً يبحث عن تسهيلات قانونية لعمل التجار وفقط، بل أن يكون شخصية ذات قبول جمعي من أبناء المحافظة ويعمل على الموازنة بين حقوق المواطن الفقير والبسيط وبين حقوق الصناعي والتاجر، وأن يبحث عن استصدار القرارات التي من شأنها أن تعيد حلب إلى وضعها الطبيعي في اقتصاد سوريا خصوصاً، ومنطقة الشرق الأوسط عموماً، وهذا لا يعني أن مرشحي حلب وحدهم من يجب أن تنطبق عليهم هذه المواصفات دون غيرهم من مرشحي بقية المحافظات السوري.
البحث في الأسباب يفضي إلى الوصول إلى نتائج حقيقية، ومن الضروري بمكان أن تعمل الحكومة القادمة على محاسبة الفاسدين من أصحاب المناصب والثروات في آنٍ معاً، دون أن تكون "الحصانة القانونية"، التي سيتمتع بها الناجحين من أصحاب الثروات المجهولة المصدر في الانتخابات، حاجزاً أمام تحقيق العدالة الاجتماعية والقانونية، وقياساً على ما تقوم به مؤسسة الرئاسة السورية في محاسبة الفاسدين دون أن يكون ثمة خطوط حمراء تحيط بهذا المسؤول أو ذاك الثري، على الحكومة أن تطور من آليات المحاسبة وتذهب نحو سؤال من ظهروا خلال فترة الحرب كرجال أعمال من العدم، من أين لك هذا، على أن يكون السؤال جدياً وفاعلاً وذو إجابات واضحة، ولعل استعادة حقوق الدولة ومحاسبة الفاسدين بدأً من الناجحين في انتخابات مجلس الشعب تحضر في سلم اﻷلولويات لتحقيق هدفين، أولهما التأكيد للمواطن قبل الخارج أن لا مظلة قانونية تحمي الفاسدين من المحاسبة، والثاني استعادة ما نهب هؤلاء من مقدرات الدولة السورية خلال فترة الحرب.
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: