"أسواق البالة" رغم غلائها.. لا تزال مُتنفّس فُقراء سوريا لمواجهة برد الشتاء!
حبيب شحادة
تنتشر أسواق البالة اليوم في العديد من الأحياء العشوائية الدمشقية ذات الكثافة السكانية المرتفعة، إلا أن السوق الرئيسي لها يقع في حي الإطفائية، المعروف تقليدياً ومنذ أكثر من عشرين عاماً بأنه المركز الأهم لتجمع محلات البالة.
وكان السوريون يلجؤون إلى البالة الأوربية بسبب انخفاض مستويات دخلهم وهشاشة الوضع الاقتصادي والمعيشي، لكن يبدو أن الحال اختلف اليوم عما كان عليه، حيث بات الميسورون يتوجهون إلى محلات البالة الأوروبية رغم تراجع عددها، فيما يتوجه باقي السوريين الأفقر حالاً إلى البسطات ومحلات البالة التي تبيع "بالة وطنية".
وبجولة "لجريدتنا "على عدة أسواق للبالة في العاصمة دمشق يمكن القول إن بضاعة البالة التي يمكن شراؤها تبدأ أسعارها من 2000 ليرة إلى ما يقارب 10000 ألف ليرة، ذلك حسب نوعية القطعة ونظافتها، في حين أن الأنواع السيئة تباع القطعة منها ب 500 ليرة وأحيانا ب 1000 لكنها غير صالحة للاستخدام.
تقترب سيدة من كرتونة بالة في منطقة القنوات، تسحب "قطعة ملابس"، تتفحّصها، ثم تقرر شراءها مقابل 1000 ليرة سورية تقول لـ "لجريدتنا": "نوعيتها رديئة جداً ورائحتها كريهة ومشقوقة، لكن ليس لدي خيار سوى أن أشتريها وأغسلها وأعيد حياكتها في المنزل بالإبرة والخيط".
ويبلغ متوسط الرواتب في سوريا 20دولار (58 ألف ليرة سورية بسعر صرف السوق السوداء) ويقع 83 في المئة من السوريين تحت خط الفقر، بحسب تقييم احتياجات الأمم المتحدة لعام 2019.
عامر (35 عاماً) موظف حكومي يجول في سوق الحلبوني للملابس المستعملة بحثاً عن سترة تقيه برد الشتاء يقول "لجريدتنا" "من الصعب إيجاد جاكيت بسعر مقبول وقابل للاستعمال"، مضيفاً أن أسعار البالة ارتفعت أيضاً كما غيرها من السلع، وأضحت لا تتناسب حتى مع راتب الموظف الحكومي".
أحد أصحاب محال البالة يدعى أبو عمر في منطقة الحريقة قال "لجريدتنا" "إنّ أسعار البالة باتت أغلى بكثير مما كانت عليه سابقاً، وذلك نتيجة الارتفاع الحاصل في سعر صرف الليرة السورية".
هذا الواقع، يضاف إليه خروج العديد من مشاغل الألبسة عن العمل، والذي أنتج ما يسمى البالة المحلية والتي تتركز في سوق باب الجابية وهي عبارة عن بضاعة وطنية لكنها مستعملة وغالية بنفس الوقت.
يذكر أنه في العام 2018 أصدرت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك قرار بمنع استيراد الملابس المستعملة لكنها تراجعت عنه تحت ضغط الشارع، وهو "الشارع" الذي لم يعد بمقدوره اليوم دفع ثمن "الألبسة حتى المستعملة منها".
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: