Thursday May 16, 2024     
00
:
00
:
00
  • Street journal

انفجار مخزون "القلوب المليانة" لحليفي الأمس

انفجار مخزون "القلوب المليانة"  لحليفي الأمس

فارس الجيرودي

مع اقتراب الذكرى الرابعة عشر، لمقتل رئيس الحكومة اللبناني السابق "رفيق الحريري" والتي توافق 14 شباط الجاري، لم يكن أحد يتوقع أن تصل العلاقة بين نجله سعد وبين زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي "وليد بيك جنبلاط" إلى درجة انهيار التواصل بينهما، وتبادل القصف الكلامي عبر التغريدات المتبادلة على موقع "توتير"، وأيضا عبر التصريحات التلفزيونية لمسؤولي تياريهما، فجنبلاط يوم حادثة الاغتيال تحدث باسم عائلة الفقيد وكأنه ولي الدم، بل وصل الأمر في بعض لحظات التوتر الحرجة في تاريخ لبنان والتي تلت الجريمة، إلى حد أن جنبلاط صار ينطق باسم "تيار المستقبل" مستخدماً لهجة التحريض العنصري، رافعاً شعار المظلومية الطائفية، التي حاول التياران أن يحرجا بها خصومها على الساحة اللبنانية مستغلين حرارة الدم الذي سال بالقرب من فندق سان جورج في بيروت.

لكن العلاقة بين جنبلاط وسعد الحريري كما يبدو، كانت أبرز ضحايا التشكيل الحكومي اللبناني الجديد الذي تأخر تسعة أشهر حتى رأى النور، إذ تشير المعلومات المتسربة إلى أن جذور الاشتباك بين الطرفين تعود إلى المفاوضات المعقدة التي رافقت تشكيل الحكومة، حيث رفض رئيس الحزب الاشتراكي "وليد جنبلاط" التخلي عن حقيبة وزارة الصناعة للتيار الوطني الحر الذي أراد الحقيبة تعويضاً عن تخليه عن حقيبة وزارة البيئة لصالح حركة أمل التي يرأسها رئيس مجلس النواب "نبية بري".

وقتها تجاوز الطرفان الخلاف، بعد أن نجح سعد في إقناع رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع بأن يتخلّى عن حقيبة الثقافة للرئيس بري، مقابل التنمية الإدارية "للقوات"، ولعبت يومها أحداث الجاهلية والتحالفات المستجدة بين خصوم جنبلاط والحريري داخل الطائفة الدرزية، دورها في تأجيل الخلاف والتغاضي عنه، لكن البحصة بقيت في حلق جنبلاط، حتى بقها أخيراً على صورة هجوم عنيف على سعد، متخذاً من الوزير "جبران باسيل" دريئة لإطلاق النار من خلاله على رئيس الحكومة، واختار وليد بيك عشية إطلاق الحكومة الجديدة موعداً لشن هجومه.

من جهته استند الحريري في ردّه على هجوم حليف الأمس إلى التنازل الذي قدّمه جنبلاط حين تراجع عن موقفه المطالب باحتكار الوزراء الدروز في الحكومة وقِبَل بتسمية عون للوزير "صالح الغريب"، برعاية النائب "جميل السيد"، الأمر الذي سبب أيضاً امتعاضاً لدى بري، فيما تقول مصادر جنبلاط أن تنازله كان اضطرارياً  بعد تسريبات وصلته عن أن الحريري عقد اتفاقاً مع عون للسير بالحكومة من دون حزب القوات اللبنانية مع عزل جنبلاط، في مقابل الاتفاق على التعيينات الشاغرة واتفاقات مالية أخرى. وتشير مصادر مطلعة إلى أن السفير المصري قام بجهود للوساطة بين الزعيمين اللبنانيين لكن دون جدوى. 

لكن وعلى عادة الزعامات الطائفية اللبنانية لم يتطرق الطرفان في تراشقهما الكلامي إلى أسباب الخلاف الحقيقية، بل استبدلا كل ذلك بشعارات عن الفساد والجشع، فاتهم كل منهما الآخر بمحاولة احتكار الثروة والسلطة، ورد سعد بقسوة على جنبلاط، مغرداً: «إن الدولة ليست ملكاً لنا حتماً، لكنها ليست مشاعاً مباحاً لأي زعيم أو حزب، مشروعنا واضح هدفه إنقاذ الدولة من الضياع وإحالة حراس الهدر على التقاعد»! وأكد الحريري في تغريدة مماثلة لتغريدات جنبلاط على "تويتر" أن «التغريد لا يصنع سياسة، إنها ساعة تخلّي عن السياسة لمصلحة الإضطراب في الحسابات». وكان جنبلاط غرد قائلاً: «لا يا صاحب الجلالة الدولة ليست ملكاً لكم أو لزميلكم وهي ليست دفتر شروط، أول بند في مشروع البيان الوزاري المقترح هو الاستثمار العام وخلاصته استدانة 17 مليار دولار»، مشيراً الى أنه «يكفي أن يتصدر هذا البند الأولويات كي يتبين الى أي هوة نحن سائرون»، مشدداً على أنه «لم يعد هناك الحد الأدنى من الحياء لجشعهم. أعماهم المال والحكم». ولاحقاً، قام جنبلاط بحذف التغريدة.

بالطبع ليس الخلاف الحالي بين وليد وسعد الأول من نوعه، ولن يكون الأخير في وطن، استبدلت فيه السياسة بصراع ليس له آخر بين الطوائف والزعامات، حتى أضحى التوتر على خلفية صراع الطوائف هو القاعدة الثابتة في الحياة السياسية اللبنانية وليس الاستثناء الطارئ، ما يدفع ثمنه في النهاية الشعب المغلوب على أمره، الذي يفرض عليه النظام الطائفي الاندراج في صفوف الطائفة تحت قيادة الزعيم، إذا أراد أن يجد عملاً أوعلاجاً أوتعليماً. 

 

المصدر: خاص

شارك المقال: