Saturday November 23, 2024     
00
:
00
:
00
  • Street journal

عندما يسأل الحال عن حاله

عندما يسأل الحال عن حاله

حسن عيسى

لم يعد الحديث عن صمود المواطن السوري أمام دول العالم مُهمّاً بقدر الحديث عن صموده أمام حكومتين توالتا على أكل أوصاله (على حد تعبير البعض)، فقد بات الدمار والتهجير أرحم بآلاف المرات من الفقر والفساد اللذين أصبحا سمتين للمجتمع السوري المعاصر، فلم يعد المواطن اليوم يبحث عن الكماليات كالعديد من شعوب العالم، بل أصبح يسعى للحصول على أكثر الأسباب التي تجعله على قيد الحياة صامداً في وجه جميع ظروف الحياة الصعبة، أو تجعله يستمر في صموده بمعنى أدق.

التقشف هو من الأساليب التي تتبعها حكومات الدول عند الحرب أو عند التعرض لحصارٍ اقتصادي، لكن ما يعيشه المواطن اليوم هو تقشفٌ من نوعٍ آخر، غلاءٌ في الأسعار يتبعه ثباتٌ في الرواتب ومن ثم فسادٌ إداري ضمن جميع مؤسسات الدولة دون استثناء، بالإضافة للمحسوبيات والواسطات أو الفيتامين (واو) – كما هو متعارفٌ عليه عند السوريين – ومؤخراً أزمات حياتية خانقة تتجلى في الكهرباء والغاز والمحروقات التي هي من أساسيات الحياة لدى الشعوب والتي بات يفتقدها أو يبكي على أطلالها المواطن السوري اليوم.

كلها من أساليب التقشف التي نعيشها يومياً ومنذ أكثر من سبع سنين، ناهيك عن القرارات التعسّفية و(التعفّسية( التي يصدرها المسؤولون والتي لم يجد لها تفسيراً ولا سبباً لا المواطن ولا حتى المسؤول نفسه.

منذ السنوات الأولى للحرب وأسعار المعيشة تدريجياً في ارتفاع؛ والسبب في ذلك يعود لارتفاع صرف الدولار أمام الليرة السورية، لكنه عندما ينخفض تكون هذه الأسعار قد وضعت قدماً لها في قائمة التثبيت؛ أي لم يعد هنالك مجال لانخفاضها وذلك بحسب ما يقوم به التجار، فحياة المواطن ليست معلقة بيد الحكومة وحدها لأن كبار التجار ورؤوس الأموال تناوبوا أيضاً على اللعب بعداد الحياة لديه، أما بالنسبة للرواتب والمعاشات فلازالت على حالها لم تتغير منذ اندلاع الأزمة، والحديث عن زيادتها أصبح من أساليب الحرب النفسية التي يتاجر بها البعض بما في ذلك أصحاب القرار أنفسهم، وصوت المواطن في شكواه من الفساد لم يلق أي صدىً سوى بعض الشعارات التي أصبحت كجرعات البنسيلين في دم هذا الشعب الذي باتت تعلكه الحياة بأسنان الفاسدين من أبناء بلده.

هذا الشعب الذي ينتظر أن ترد إليه الروح بعد القضاء على التشدد والتطرف وبعد انتهاء الحرب لا يعرف أن ما ينتظره بعد هذه الأزمة هو أزمةٌ أشد شراسةً ما لم يتم محاربة الفساد والفاسدين تطبيقياً وليس بالكلام والشعارات فقط، ومع كل ما يعانيه ورغم كل المشاق والصعوبات التي يلقاها والتي تحول بينه وبين الحياة الكريمة سداً منيعاً، تتوالى بعض القرارات من المسؤولين التي إن كان لها هدف فهو تحطيم أحلام السوريين والقضاء على آمالهم وطموحاتهم، وتدمير جيل كامل من الشباب الذي تقع على عاتقه مسؤولية النهوض بهذا البلد وإعادة إعماره بعد حربٍ لا تختلف طبيعتها عن طبيعة ما يتم إصداره من قوانين.

وبالرغم من كل هذا العناء ترى المواطن السوري اليوم أفضل حالاً من ذي قبل، فقد أصبح متأقلماً مع كل ما يحيط به من فقر وفساد ومعاناة وأمور أخرى إن أردنا ذكرها وتفصيلها سيتطلب منا ذلك سلاسل من التقارير والتحقيقات الطويلة والمتشابكة لشرح حالة المواطن الذي بات ينتظر الرحمة الإلهية لتخلصه من مطرقة الحرب وتوابعها وسندان المعيشة الصعبة.

بواسطة :

شارك المقال: