Saturday November 23, 2024     
00
:
00
:
00
  • Street journal

عن يوم المرأة العالمي.. الناجي التاريخي الوحيد لألوهة الإناث

عن يوم المرأة العالمي.. الناجي التاريخي الوحيد لألوهة الإناث

 

كريم مهند شمس

 

"عندما يشتد عود ولدك سيثور عليك ويقصيك عن عرشك بانقلاب أسطوري، تماماً كما فعلت أنت مع جده" تلك كانت نبوءة عرافة هرمة لأحد الملوك الجبابرة. وليهرب الملك من مصيره المحتوم أخذ يرمي بأطفاله الذكور من نافذة قصره صوب الوادي مباشرة بعد ولادتهم.

وفي خطوة تاريخية، تمردت زوجة الملك وأعطت زوجها الأعمى صخرة صغيرة عوضاً عن طفلها الجديد الذي عهدت به إلى مجموعة من كاهنات الجبل اللواتي ربين ولي العهد المُنتظر سراً، وبالفعل عندما اشتد عود الطفل تحققت النبوءة بثورة أسطورية أُبعد إثرها الحاكم الظالم عن عرشه وتغير حال المملكة بأسرها مرة واحدة وللأبد.

هي قصة روتها أساطير الإغريق منذ مئات السنين خلال محاولات الإنسان الأولى لوضع تفسيرات بدء الخليقة بقالب قصصي، لكن دلالة القصة أبعد من ذلك بكثير، حيث تحمل في طياتها رمزية عميقة مررها التاريخ لنا، وهي أن سبب خلق الكون برمته وتطوره وأهم مجرياته وقصصه أبطالها كنّ دائما من الإناث.

ولقداسة الإناث في تاريخنا الإنساني حصة كبيرة، فعظمة مريم العذراء (ع) في المسيحية وأهمية خديجة (ع) في الإسلام ورمزية تامارا في اليهودية، وحواء وغيرهن في الديانات الإبراهيمية. 

وقبلهن في الأساطير كعشتار بابل وهيرا اليونان وفينوس الرومان وأيزيس الفراعنة والكثير غيرهن من الرموز الأنثوية التي قدسها الإنسان على مر تاريخه، جميعها تعود بجذورها لمرحلة "الربوبية الأنثوية" حين كن النساء ما قبل التاريخ هن قادة المجتمع وحاكماته والآلهة فيه، إلى أن أنهى الرجال تلك الحقبة وقلبوا الموازين لصالحهم تماماً.

بالطبع فإن التعمق بتلك الحقبة يفسر إلى حد ما حالات الاضطهاد التي يمارس خلالها الرجال سطوتهم على النساء استنادا لفطرة ما قد لا يعلمون هم بها كالخوف مثلا من عودة التفوق الأنثوي الذي سبق وأن شهدته البشرية.

والسرد السابق قد يشير بشكل ما إلى أن يوم المرأة العالمي الذي مضى ليس سوى فكرة تسللت عبر التاريخ من حقبة كن بها الإناث حاكمات المجتمع وهو تقريباً ما تبقى لهن من ذلك الماضي السحيق الذي سعى الرجال لمحوه على مر التاريخ بدءاً من تذكير الإله الأكبر في كل الديانات الوثنية ووصولا إلى تهميش المرأة واحتقارها في أطراف مجتمعنا الحديث.

للمرأة يوم، ويوم واحد لا يكفي لتقديرهن، ولكن لكونه الناجي التاريخي الوحيد لماضيهن الأسطوري، فلا بد لنساء مجتمعنا أن يحتفين به بكل ما يملكن من فيض عاطفة، وهو ما يعتبر قليلاً جداً بوقتنا الراهن، حيث سبق وأن أقيم في سوريا مارثون بمناسبة يوم المرأة العالمي لم تشارك به سوى نسبة قليلة من النساء فيما تزاحم الرجال للمشاركة به لأسباب لا يعلم بها سوى الله!.

لربما يكون التاريخ غفل عند ذكره لكل ما سبق، عن تعليم الرجل شيئا واحدا فقط؛ أنه من دون تلك الأنثى لا يرجع ناقصا لأحد أضلعه، وإنما يعود بلا كيانه وبلا ذاته فهي جانبه العاطفي والشعوري بمجمله، ولأنه يتعلم منها كيف يشعر، جميع تجارب الإنسان العاطفية تُدرس على أيديهن، الشخص منذ نفسه الأول يبدأ بتعلم المشاعر من أنثى ما، ثم يكمل على ذلك المنوال لحين وفاته، الحب والشوق والثقة والأمان والرحمة جميعها يتلقاها الإنسان من الأم والعشيقة والأخت والصديقة، إنهن بطلات المواقف كلها، ولذلك يستحققن يوما وأكثر. وكما يقول أحد الكتاب "بينما يشن الرجال حروبهم ويصنعون الأسلحة ويتصارعون على العروش، تحكم النساء العالم".

 

المصدر: خاص

بواسطة :

شارك المقال: