Saturday November 23, 2024     
00
:
00
:
00
  • Street journal

عن الطبل والزمر وحرية الصحافة في دولة الموزمبيق الشقيقة

عن الطبل والزمر وحرية الصحافة في دولة الموزمبيق الشقيقة

ننوه أولاً بأن ما نكتبه ينبع من إحساس شاذ بالحرية ضمن اليوم العالمي لحرية الصحافة، وننوه ثانياً بأن ذلك يحدث خلال يومنا الوحيد في دولة الموزمبيق في حين أن باقي أيام السنة هي ملك لكل مسؤول حزبي أو ضابط في فرع مخابراتي أو وزير فاسد أو فنانة حسنة المظهر تسندها جهات عليا لأسباب خفية في البلاد.

وبعد التنويه والتحية الطيبة نؤكد بأن هذا المقال ليس موجهاً إلى كتبة التقارير والمخبرين  (الفسافيس والفسادون) الذين يملكون موهبة الكتابة بخط جميل وبعبارات رشيقة لكنهم ليسوا من أهل الصحافة، وبالطبع ليس موجهاً إلى أساتذتهم في الأفرع الأمنية لدى جمهورية الموزمبيق المحترمة.

لقد أخبرتنا العصفورة بأن وفداً إعلامياُ رفيع المستوى يضم عميد كلية الإعلام وابن رئيس جامعة العاصمة، سافر منذ أيام للمشاركة بالمؤتمر العالمي لحرية الصحافة لعام 2019 في  أديس أبابا والذي يستمر حتى  الـ 3 من  الشهر الجاري. هنا لن نتحدث عن الوفد الذي يمثل بلادنا ولن نتحدث عن طريقة اختيار أعضاءه بحيث  ضم ابن رئيس الجامعة (سنة ثالثة في كلية الإعلام) في حين تم تجاهل طوابير من حملة الدراسات العليا. لنرمي كل هذا الكلام في البحر الأبيض المتوسط مقابل شاطئ اللاذقية، ولنتحدث عن حرية الصحافة التي نسافر من أجلها خارج البلاد ونحضر مؤتمراتها. فخلال الأعوام الماضية شبع الصحفيون السوريون من الحرية لدى بعض الأفرع الأمنية في ظل الحكومة الحالية. وحافظت الموزمبيق على بقائها ضمن "القائمة السوداء" عربياً ودولياً في مؤشر التصنيف العالمي لحرية الصحافة لعام 2019 الذي أصدرته منظمة "مراسلون بلا حدود" الدولية  وحلت في المرتبة 174 عالمياً من أصل 180 دولة ضمن المؤشر، ونحن نشدد بأننا لا نثق بتقييم هذه المنظمات  التي تدير المؤامرة الكونية بمساعدة كائنات فضائية في المجرات الأخرى وهدفها النيل من حرية الصحافة والتعبير المصانة بموجب القانون والدستور في بلادنا.

يقول صحفي متآمر في إحدى المواقع الإلكترونية الخاصة: "عندما يغيب القانون وسلطان العدل تبقى القدرة الإلهية هي من تحمي الصحفيين في ظل حكومة ضعيفة تسلط  كل قوتها على اعتقال صحفي هنا وتهديد آخر في محافظة ثانية، لكن هذا المندس وأحد عملاء الحركة الماصونية لا يعلم بأن الصحافة حرة في البلاد.  فحكومة الموزمبيق ممثلة برئيس حكومتها أعطت الضوء الأخضر منذ أسابيع للصحفيين لكي يكتبوا بحرية شبه مطلقة، كما طالبت المؤسسات الحكومية الموزمبيقية بتسهيل مهمات الصحفي للحصول على المعلومات، بيد أن ذلك ليس إلا حبراً ومن دون ورق، إذ عادت بعد أيام موجة الاعتقالات الأمنية لتطال صحفي كشف عن دراسة رفع البنزين، وللتذكرة فإن محاسبة الصحفيين يفترض أن تتم بحسب قانون الإعلام 2011،  لكنه قانون ميت كما قوانين كثيرة شبيهة، قبل أن يأتي قانون الجريمة المعلوماتية الذي خنق الصحافة والصحفيين حتى على وسائل التواصل الاجتماعي، وبات الصحفيين الموزبيقيين تحت رحمة ثلاثة قوانين وأكثر تشرعن اعتقالاهم كلما خطر ببال أحد (الشباب الطيبة وزملاءه في الفرع) وأخطر من ذلك جناية "وهن نفسية الأمة"، المنصوص عليها في قانون العقوبات النافذ، والتي تفرض عقوبة الاعتقال من 3 إلى 15 سنة على من قام في الموزمبيق، و في زمن الحرب أو عند توقع نشوبها، بنقل أنباء يعرف أنها كاذبة أو مبالغ فيها من شأنها أن توهن نفسية الأمة، أما إذا كان الفاعل يحسب هذه الأنباء صحيحة فعقوبته الحبس ثلاثة أشهر على الأقل، علماً بأن الحد الأدنى للعقوبة يصبح مضاعفاً (بحسب المادة 28 ـ ف 2 من قانون التواصل على الشبكة ومكافحة الجريمة الإلكترونية)، في حال ارتكبت الجريمة عبر الفضاء الافتراضي وذلك لتوافر عنصر العلنية.

يصرخ إعلامي نائم في حضن الحكومة عبر أحد الأبواق: لا تصدقوا كل ما يكتبه بعض الصحفيين السوريين المأجورين المرتبطين بالخارج، والذين يجتزؤون فقرات من القوانين بهدف تشويهها، فالدستور ذكر في بعض فقراته وفي مقدمتها حق المواطن في أن يعرب عن رأيه بحرية وعلنية بالقول أو الكتابة أو بوسائل التعبير كافة (م 42) وحرية الصحافة والطباعة والنشر ووسائل الإعلام (م 43) من منطلق أن "الحرية حق مقدس وتكفل الدولة للمواطنين حريتهم الشخصية وتحافظ على كرامتهم وأمنهم" (م 33).

يا سادة والزملاء الذين دخلوا غياهب السجون ذات يوم يشهدون بأننا نعيش أسمى أوجه الحرية الصحفية ولن ينغصها علينا في هذا اليوم حاقد أو حاسد داخل الموزمبيق وخارجها، ولدينا اتحاد للصحفيين لم يتخل عن صحفي واحد طوال مسيرته، لكن ضميرنا الخائن يشهد بغير ذلك فحتى هذه الساعة وإلى أن تقوم الساعة لا يعلم أحد لماذا سجن الصحفيان "عامر دراو" و"عمار العزو" أشهراً قبل أن يبصروا النور، ولأن ضميرنا الخائن ونحن نعترف بخيانته لا يمكن أن ينسى اعتقال الصحفيين "إيهاب عوض" و"رولا السعدي" فقط لمرورها العام الماضي في مكان وزمان يفترض أن يجري فيهما اعتصام يطالب فيه طلاب جامعيون بدورة تكميلية ولنسأل أين هو "وسام الطير"؟

فكيف لنا أن نحتفل بحرية الصحافة والصحفي الموزمبيقي يعد أصابعه بعد كتابة كل مادة صحفية مساء ويتلمس رقبته بعد نشر المادة صباحاً، كيف نحتفل وأنت تحاسب باسم القانون ويترك وزير باسم القانون نفسه طليقاً بعد أن كذب على الشعب وأنكر دراسة عن البنزين ليصدم بها العوام قبل رمضان؟!!!.

ونسأل أخيراً وربما يكون أخر سؤال لنا، أين هو وزير الإعلام ورئيس اتحاد الصحفيين نراهم في الاحتفالات فقط ولا نشاهدهم عندما يتعرض أي صحفي للاعتقال أو التهديد؟؟ آه ربما نسيت بإننا في بلاد شعارها الإعلامي الطبل والزمر وليس حرية الصحافة.

 

المصدر: خاص

بواسطة :

شارك المقال: