التصدير السوري زراعي.. «دمشق وريفها» مركز تجارته وهذه الدول وجهته ؟!
عشتار محمود
أعلنت غرفة زراعة دمشق وريفها أن قيمة الصادرات عبر الغرفة بلغت خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام ما يقارب 128 مليون دولار، وهي قيمة الصادرات الزراعية والغذائية المعدّة أولياً من المنتجات الزراعية التي تخرج عبر أسواق الهال ومراكز التشحين، في دمشق وريفها، فما دلالة هذه الأرقام والكميات تحديداً في موجة الحديث عن التصدير كواحد من (الأوجه الواعدة) للاقتصاد السوري؟!
هذه القيم للصادرات الزراعية مرشّحة للزيادة بنسبة 100% مع بدء الموسم الصيفي للخضار والفواكه الذي ترتفع فيه قيمة الصادرات وفق توقعات نائب رئيس لجنة التصدير في اتحاد غرف التجارة السورية فايز قسومة.
أكثر من 60% من الصادرات الزراعية عبر دمشق وريفها
إن تصدير ما يقارب 128 مليون دولار خلال قرابة أربعة أشهر ونصف، يعني تصدير شهري بقيمة: 28 مليون دولار من دمشق وريفها فقط، وإذا ما قارنا هذا الرقم مع الرقم الشهري للصادرات الزراعية والغذائية المصدّرة من سوريا في عام 2020 فإنّه يبلغ 60% من قيمة هذه الصادرات. ما يؤشر على المساهمة الكبيرة تجار دمشق وريفها في تجميع وتشحين المنتجات الزراعية السورية للخارج، ففي دمشق وريفها يتم الشراء بالجملة للجزء الأكبر من الفائض الزراعي وتحديداً منتجات المنطقة الجنوبية وزراعات درعا والسويداء وريف دمشق، وحتى زيت الزيتون من كافة المناطق الساحلية والوسطى، إضافة إلى الفواكه التي تتمركز الأنواع التصديرية منها في ريف دمشق والمنطقة الوسطى بالدرجة الأولى.
الصادرات الزراعية والغذائية 87% من مجمل الصادرات
الصادرات الزراعية والغذائية تشكّل النسبة العظمى من مجمل الصادرات السورية، وذلك وفق بيانات التجارة الدولية التفصيلية كالتي يصدرها International Trade Center ففي عام 2020 بلغت مجمل الصادارت السورية 699 مليون دولار، وشكلت الصادرات المستندة على المنتجات الزراعية أو موادها الأولية ما يقارب: 580 مليون دولار ونسبة تفوق 87% من مجموع الصادرات السورية... التي تشكل بعض المنتجات المعدنية والنسيجية معظم الجزء المتبقي منها.
السوق الخارجية تشكّل جزءا هاماً من سوق الإنتاج الزراعي السوري، فعملياً قيمة الصادرات الزراعية والغذائية تشكّل نسبة تقارب 30% من الناتج الزراعي السوري المقدّر، وحوالي 1450 مليار ليرة بسعر صرف السوق الوسطي في العام الماضي. إذ إن الجزء الأعظم من عمليات التصدير يعتمد على الإنتاج الزراعي ليصدّره إما مواد زراعية خام، أو معدّة في ورش إعداداً بسيطاً كما في حالة قمر الدين والتين المجفف وغيرها، أو منتجات صناعة غذائية وهي قليلة التصدير قياساً بالمنتجات الزراعية الأولية.
وكل هذه القيم طبعاً هي القيم الرسمية المسجلة في الدول التي تمّ التصدير لها، بينما عمليات التهريب التي تقوم بها السوق غير النظامية التي تنشط في القطاع الحيواني وفي الخضروات أيضاً تساهم مساهمة إضافية يصعب تقديرها، ولكن قطاع الأغنام قد يعطي مثالاً، فبينما لا تذكر البيانات الدولية تصدير أياً من الأغنام فإن تقديرات جمعية اللحامين أشارت إلى فترات يهرّب فيها الغنم العواس الحي بمعدل 3000 رأس يومياً، ما يمكن أن يعني تهريب مئات آلاف رؤوس الأغنام سنوياً وهذه لا يُذكر عنها أي شيء في البيانات الرسمية ما يشير إلى أن دور السوق الخارجية في الإنتاج الزراعي المحلي قد تكون أكبر من 30% من الناتج بكثير.
ما الذي نصدّره بالدرجة الأولى؟
المادة التي تساهم بأكبر قيمة تصديرية هي زيت الزيتون الذي صدّر منه قيم تقارب: 103 مليون دولار، يليها صادرات من البهارات أو النباتات العطرية بقيمة 77 مليون دولار مثل الكمون والكزبرة واليانسون وحبة البركة والزعتر والغار وغيرها، ثم الشعير الذي صدّر منه في موسم العام الماضي بما يقارب 52 مليون دولار، فالمكسرات التي صدّر منها بقيم تقارب 36 مليون دولار، بينما الفواكه والخضار التي تعتبر محاصيل ذات فائض مثل البندورة والتفاح والحمضيات فلم يصدّر منها إلا بقيم على التوالي: 27 مليون دولار للأولى، و15 مليون للثانية، و6 مليون للثالثة.
إلى أين تتجه هذه المنتجات؟
الوجهات الأساسية لهذه المنتجات الزراعية والغذائية هي تركيا والسعودية اللتان تعتبران وجهتا التصدير السورية الأساسية لمجمل المواد، ويصل إليهما أكثر من ثلثي الصادرات (66%) وبقيمة بلغت في 2020: 466 مليون دولار، وذلك وفق البيانات التي تؤخذ من الإحصائيات الرسمية لكل من تركيا (245 مليون دولار) والسعودية (200 مليون دولار)، يليهما مصر بحوالي 70 مليون دولار، ومن ثم مجموع الدول الأوروبية وأميركا الشمالية التي يصدّر إليها بالمجمل أكثر من 100 مليون دولار، أمّا دول مثل إيران والعراق فلا تتضمن البيانات الدولية أي قيمة صادرات مسجّلة رسمياً إليها، بينما الصادرات إلى روسيا لم تتجاوز 8 مليون دولار.
القطاع التصديري السوري ينشط في مجال الزراعة بالدرجة الأولى... ولا تزال المنتجات الصناعية السورية بعيدة عن منافسة صادرات القطاع الزراعي التي تشكل الأساس لقرابة 80% من الصادرات السورية، وعمليات التصدير هذه تمر عبر تجار دمشق وريفها بالدرجة الأولى حيث تتجمع المنتجات الزراعية ويتم تشحينها.
الوجهة الأساسية هي تركيا والسعودية، فإلى تركيا تصل معظم صادرات المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة وحتى الصادرات التي يتم تجميعها من مناطق الحكومة ولكن تمر عبر المعابر. بينما تذهب معظم منتجات المنطقة الجنوبية والوسطى إلى السعودية.... التهريب للخارج أيضاً ينشط في القطاع الزراعي أكثر من غيره حيث أن تهريب الأغنام والبيض نشط جداً عبر الأردن والعراق ولكن لا يصدّر أي من هذه المنتجات بالطرق الشرعية والرسمية.
عمليات التصدير الواسعة هذه تؤثر كثيراً في أسعار المواد الغذائية في الداخل السوري وتجعل المنتجات المحلية حتى الفائضة منها تتحرك صعوداً مع تحركات الدولار بينما معظمها لا تنخفض بانخفاضه لأن السوق الزراعية ترتبط بالخارج لحد بعيد.
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: