Tuesday November 26, 2024     
00
:
00
:
00
  • Street journal

التناقض سيد الموقف!

التناقض سيد الموقف!

جوان ملا

 

السعودية.. بلدٌ يتوسط شبه الجزيرة العربية، لا يمكن ذكر اسمه إلا ويخطر ببالك عدة أشياء سِمَتها الأساسية اللون الأسود كالنقاب والنفط مثلاً.

اليوم تشهد هذي البلاد تغييرات من الناحية الفنية، تبدو غريبةً على ملامحها وعلى فكرتنا عن السعودية، فمنذ أن استلم "محمد بن سلمان" الحكم هناك وانقلبت الأوضاع رأساً على عقب، فأخذت أرض المملكة تستقبل فنانين ما كانوا ليدخلوها قبلاً، وكبرت أصداء المهرجانات هناك مثل مهرجان "شتاء طنطورة" الذي غنى فيه "محمد عبده" و"ماجدة الرومي"، وفي نهاية 2017 استقبلت "السعودية" العازف الكبير "ياني" لأول مرة.

عازفون وفنانون عرب وأجانب تستقدمهم هذه الأرض، آخرها كانت الفنانة الأمريكية "ماريا كيري" التي تحيي حفلاً في 31 كانون الثاني/يناير وهي امرأة قد لا تتفق فساتينها ربما مع ثياب النساء السعوديات المنقبات، ودائماً ما ترتدي كل ما هو جريء ومثير!.

"تركي آل الشيخ" هو رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه، وتاريخه يحفل بالقصائد الشعرية التي غناها أهم الفنانين مثل "عمرو دياب، كاظم الساهر، أصالة، أنغام" وغيرهم.

هذه كانت المعطيات الأساسية، لكن على أرض الواقع ماذا قدمت "السعودية" لشعبها؟

على السطح تطفو الأضواء والمهرجانات والأفراح، و"لاس فيغاس" العرب تفتتح أبوابها للرقص والغناء على غير العادة، لكن في العمق نجد أن هذه الدولة غارقة في حروب شتى، فهناك عددٌ كبير من السعوديين ما زالوا يقاتلون في صفوف الإرهابيين في الأماكن التي يشتعل فيها القتال كسوريا والعراق، فضلاً عن الدعم المالي لهم من مواطنين سعوديين، ولا يمكن في خِضَمّ هذه البهرجة نسيان حرب اليمن التي تخلف وراءها حتى اليوم الموت والمجاعات وتساهم "السعودية" في إشعالها وقصف ناس أبرياء.

المرأة السعودية مازالت محرومة من حقوقها في المشي بشكل حر في الشارع دون مُحرَم، يُمنَع عليها أن تلبس ما تشاء، وناضلت لتأخذ حقها من أجل قيادة سيارة، وحصلت على هذا الحق بعد معاناة ومِنّيّة أيضاً من الحكومة، ولنا في "رهف القنون" أكبر مثال يُحتذى، فهي الفتاة التي أشعلت مواقع التواصل الاجتماعي بهروبها من أهلها في "السعودية" كي تعيش كما هي تحب، هذا ما لم يمنحها إياه بلدها، فكَبَتَ على أنفاسها حتى جاءت النتيجة معاكسة لتنفجر من كثرة الضغط وتلجأ إلى "كندا" التي أعطتها حق اللجوء السياسي وأخذت بدورها عبر وسائل التواصل الاجتماعي تطرح قضايا البنات السعوديات وما يتعرضنَ له من اضطهادات وتبيّن الواقع التعيس للمرأة السعودية داخل المملكة. 

أما "تركي آل الشيخ" فقضيته مع "آمال ماهر" مازالت طازجة، بعد أن رفعت دعوى عليه في "مصر" متهمةً إياه بالتعدي عليها وضربها في منزلها، وتردد أخبار تفيد أنهما متزوجان في السر، الأمر الذي نفته آمال لاحقاً وقالت إن شيئاً من هذا لم يحدث، لكن ليس هناك دخان بلا نار طبعاً.

خلاصة القول إن هذه الاحتفالات لا يمكن نكران جمالها، لكنها للأسف تقوم للتغطية على قضايا مخفية مليئة بدماء وفساد، و من خلال هذه الحفلات اليوم، يتم التعامل مع الشعب السعودي على مبدأ "شِمّ ولا تدوق"، فهم يرون كل هذه الأضواء والمواهب والعزف والموسيقى لكن يُحَرَّم عليهم فعلها، فلا مجال لإبراز الموهبة عند نسائهم، ولا حتى الرجل قادر على أن يدخل مضمار الفن، فأصبحوا يبدون كالظَّمِئين الواقفين على عتبة البئر ولا يتسطيعون الشرب!، فكيف لبلد تغوص في عتمات حروب تخوضها على أراضي غيرها من دولٍ فقيرة أن تجمع الفن مع الرصاص؟.

 

المصدر: خاص

بواسطة :

شارك المقال: