Saturday November 23, 2024     
00
:
00
:
00
  • Street journal

الصين تكسرالاستثناء الغربي

الصين تكسرالاستثناء الغربي

فارس الجيرودي

«لن تستطيع الدول الغربية الاستغناء عن شركة "هواوي" لأنهم لا يمتلكون التقنية المتقدمة التي نمتلكها، والتي ستطالب بها شعوبهم» 

كان هذا رد مؤسس شركة "هواوي" الصينية  "رن تشنغ" على الأنباء  عن قرب توقيع الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"، على قرارٍ بمنع الشركة الصينية  من تركيب أي معدات لتقنية "G5"  للاتصالات على الأراضي الأميركية، بذريعة إمكانية استخدامها لمساعدة الحكومة الصينية على التجسس، يذكر أن تقنية الجيل الخامس هذه تحتكرها الشركة الصينية، وترتبط بعقود لتركيب شبكاتها في أوروبا، كما أنها على وشك البدء بتركيب تقنية الجيل السادس المطورة عنها في الصين.

وحتى نتصور أهمية التحدي الذي تمثله الصين بالنسبة للغرب، علينا أن نعود إلى حدث استضافتها للألعاب الأولومبية عام 2008، يومها وعلى غير المعتاد في مثل هذه المناسبات، امتنعت معظم شبكات التلفزيون الغربية عن نقل حفل افتتاح البطولة، حتى تخفي قدر الإمكان المستوى المبهر من التقدم التقني الذي بلغه التنين الصيني، إذ تفنن الصينيون من خلال الحفل الأسطوري في سرد تاريخ بلادهم، وأثاروا انبهار كل من تابعه، عبر إشعال سماء ملعب "عش الطائر" في بكين، باللوحات المرسومة بكمية هائلة من الألعاب النارية، وبخطوط الليزر المنسقة عبر الكومبيوتر.

عملياً يمثل ما حققته الصين خلال فترة وجيزة من مراكمةٍ للثروة، وتطورٍ تقني، جعلها على بعد خطوة أو أقل من اللحاق بالتقدم التكنولوجي الغربي، أبرز تحدٍ لفكرة «المركزية الأوروبية» في العالم، والاستثناء الأهم لاحتكار الغرب للقوة ولمفاتيح العصر منذ قرنين حتى يومنا هذا، فرغم أن تجارب آسيوية أخرى حققت نجاحات اقتصادية وتكنولوجية مهمة، كـ«اليابان وكوريا الجنوبية وسنغافورة»، إلا أن هذه التجارب التي تمت تحت الوصاية العسكرية الأمريكية، وظفت إعلامياً لتدعيم فكرة «المركزية الأوروبية» ولإثبات جدوى الالتحاق بالغرب وتسليم مفاتيح الإرادة الوطنية له.

على العكس من ذلك، نجحت الصين خلال 30 عاماً ومن خارج  الإطار الغربي، في نقل نحو 400  مليون مواطن صيني من حالة الفقر المدقع إلى مستوى حياة عصري، وفي بناء أفضل البنى التحتية في العالم، ففيما ظلت الولايات المتحدة لعقود طويلة تفتخر بعاصمتها الفيدرالية "واشنطن دي سي" وبناطحات السحاب فيها، تشرع الصين حالياً في بناء  أربع مدن كبرى معتمدة بشكل كامل على الهاي-تكنولوجي، حجم كل منها أكبر من "واشنطن دي سي".

 والاستثناء التاريخي يتمثل هنا في كون كل ذلك تم تحت إشراف كامل من الحزب الشيوعي ، الذي يحكم منفرداً البلاد، ويتحكم بالاقتصاد وتطوره، عبر خططه الخمسية، ما يناقض بشكل كامل نظريات السوق الليبرالية الغربية، والتي تعتمدها اقتصاديات جنوب شرق آسيا «اليابان-تايوان-كوريا الجنوبية-سنغافورة»، ويروج المثقفون المرتبطون بالغرب في دول العالم الثالث، فكرة أنها السبيل الوحيد نحو التقدم الاقتصادي.

لذلك لم يكن غريباً أن يعترض خصوم ترامب الداخليين «التحالف الأمريكي العريض الذي يضم مراكز القوى في الدولة العميقة، وكبرى وسائل الإعلام الأمريكية»، على مجمل سياسات الرئيس الأمريكي الداخلية والخارجية، باستثناء بند واحد فقط، هو قرار الحرب التجارية التي شنها ضد المنتجات والشركات الصينية منذ دخوله البيت الأبيض عام 2017 حتى يومنا هذا.

ويشير القرار الاتهامي المطول الذي أصدرته المحاكم الأمريكية منذ أسبوعين بحق شركة "هواوي" الصينية، بـ«عدم احترام قوانين الملكية الفكرية، وبخرق العقوبات على إيران،والاحتيال البنكي، والتعاون مع الحكومة الصينية في مجال التجسس على الأفراد الذين يستخدمون منتجاتها» يشير إلى غياب أي نية من جانب الولايات المتحدة لانهاء الاشتباك التجاري مع الصين بتسوية قريبة، هذا رغم المفاوضات التي يخوضها الجانبان، قبل الشروع بفرض تعرفات جمركية متبادلة بقيمة مئات المليارات من الدولارات على المنتجات التي يستودرها كل منهما من الآخر. 

 

 

 

المصدر: خاص

شارك المقال: