الشيخ نجار... توقف 466 منشأة خلال 20 شهر مضت !
عشتار محمود
لا تعكس الإحصائيات والتصريحات الرسمية السورية الصورة الحقيقية لواقع التراجع الاقتصادي الحالي الذي يشهده العامين الماضيين تحديداً، ولكن بعض المقارنات تفيد في تبيان حجم ما نعيشه من تدهور في مختلف الجوانب الاقتصادية... والتفاصيل هذه المرّة حول الوقائع السلبية من حلب ومدينتها الصناعية الشيخ نجار.
تناقلت وسائل الإعلام المحلية مؤخراً إعلاناً لمحافظ حلب أنّ عدد المنشآت الصناعية العاملة في الشيخ نجارقد وصل إلى: 710 منشأة عاملة وقيد الإنتاج، وهو رقم صادم إذا ما قارناه بالمنشآت الفعلية المنتجة قبل عامين فقط في نهاية عام 2019 وفق التقرير الرسمي للمدن الصناعية السورية. إذ بلغ عدد المنشآت العاملة في الشيخ نجار حينها: 1176 منشأة منتجة متراجعاً بنسبة 40% تقريباً، ما يشير إلى توقّف ما يقارب 466 منشأة صناعية في الشيخ نجار خلال 20 شهر منذبداية عام 2020 وحتى الشهر الثامن من العام الحالي.
يشير هذا الرقم أيضاً إلى حدّة التراجع خلال العام الحالي 2021، إذ تسارعت عملية التوقف الصناعي وخروج المنشآت عن العمل، وخلال عام 2020 كانت قد توقفت 400 منشأة صناعية عن العمل في المدن الصناعية الثلاث: الشيخ نجار، وعدرا وحسياء وكانت نسبة التراجع في كل المدن 16%، وبالمقابل في 2021 وصل الرقم إلى توقف 466 منشأة صناعية في الشيخ نجار وحدها! ما يشير إلى ارتفاع حاد في ظاهرة تعطّل الأعمال الصناعية في مدينة حلب الصناعية وخروج مئات المنشآت عن العمل. إن هذا التراجع قد يعني خسارة أكثر من 20 ألف عامل لأعمالهم في الشيخ نجار خلال العامين الماضيين فقط وذلك إذا ما قدرنا بشكل مبسّط أن 40% من عمال المدينة قد تعطلت أعمالهم، والنسبة قد تقل عن ذلك فيما إذا كانت المنشآت المتوقفة هي المنشآت الصغيرة التي تشغّل عدد عمال أقل، وقد تزيد عن ذلك فيما إذا كانت المنشآت المتوقفة من ضمنها معامل كبرى.
ويُعرف عن مدينة الشيخ نجار كونها مركز الصناعات النسيجية التي شكلت نسبة 43% من مجموع المنشآت المنتجة العاملة فيها.
عموماً، شهدت مدينة الشيخ نجار تغيرات كبيرة في عدد المنشآت العاملة والمنتجة فيها خلال سنوات الأزمة، وعملياً المدينة شهدت زيادة كبيرة في أعداد المنشآت العاملة فيها خلال سنوات الأزمة، وتحديداً بعد عام 2016،إذ استمر عدد المنشآت بالزيادة والتصاعد خلال أعوام 2017-2018-2019 حتى وصل إلى 1176 منشأة بزيادة 90% عن عدد المنشآت في 2011 ولكن طبعاً بمستويات وقيم استثمار سنوية أقل بكثير، وقد ارتبطت هذه الزيادة بالاستقرار النسبي في حلب منذعام 2017، وانتقال العديد من الورش والمعامل من المناطق الصناعية الحلبية الأخرى المدمرة (كالليرمون وغيرها) إلى الشيخ نجار باعتبار أن بناها التحتية وخدماتها أفضل نسبياً.
ولكن هذا المؤشر الصاعد توقّف خلال العامين الماضيين وبدأ بالهبوط الحاد، وهذه المرّة لم تنتقل المنشآت من منطقة لأخرى بل توقفت وأغلقت مئات المعامل والورش نتيجة لنقص الخدمات الأساسية وتراجع الجدوى الاقتصادية تحديداً مع تراجع خدمات الكهرباء ومستوى توفّر الفيول والمازوت وازدياد عموم التكاليف والتعقيدات في العمل في الظروف السورية الحالية، والتي تعتبر محافظة حلب ضمن أسوئها من حيث الخدمات العامة.
لا يمكن أن يكون هنالك صناعة دون طاقة، وحلب محرومة منها إلى حد بعيد، وتحديداً أن محطتها الحرارية التي تعتبر ضمن أكبرمنشآت توليد الكهرباء في سورية لم يبدأ الحديث عن إعادة إصلاحها إلا بعد 6 سنوات من تحريرها... خلال هذه السنوات الست حاول صناعيو حلب أن يستمروا بأعمالهم وينقلوا منشآتهم إلى المدينة الصناعية ولكن، يبدو أنهم لم يكونوا قادرين على مواجهة النقص الحاد في الطاقة والتدهور العام في قيمة الليرة خلال العامين الماضيين لتخسر المدينة 40% من منشآتها.
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: