"الشهداء الأحياء".. ينتظرون "رد الجميل" .
جودي دوبا
استطاع موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، أن يكون منبراً للكثير من مصابي الحرب لطلب المساعدات من خلال الكتابة عن وضعهم الصحي وسوء حالتهم المادية، ووضع رقم هواتفهم للمساعدة. وتظهر هذه الظاهرة المؤلمة تقصيراً من الجهات المعنية بأمور من باتوا يُعرفون ب"الشهداء الأحياء" وهم الذين افتدوا بلدهم بأجسادهم ليكون رد الجميل ببضع الليرات التي لا تكفيهم!.
الشهادة أفضل من الإصابة
لم يكن حال علي فياض - جندي في الجيش السوري وأب لولدين أحدهم مريض قلب- أفضل حالاً حيث أصيب في عام 2014 نتيجة انفجار لغم بمنطقة المليحة بغوطة دمشق الشرقية، مما جعله يفقد طرفه الأيمن كما أدى الانفجار إلى تفتت بالساق اليسرى بنحو 10 سم، والكثير من الحروق، إضافة إلى فقدانه سمعه بأذنه مع سمع خفيف بالأذن الثانية.
تم إجراء عمليات كثيرة لقدم علي اليسرى لوجود أوردة وأعصاب قابلة للاستجابة، تعالجت قليلاً، ولكن يلزمها عمليات جديدة لم يتم إجراؤها لاعتبارها عملية باردة حالياً، كما أن حالتها ميؤوس منها، وفي حال عدم استجابتها سيتم بترها.
تقول زوجة علي: إنه "تم تحويل علي للمجلس وتقدير إصابته وتم تسريحه بعجز 55% متناسين إصابة السمع، وتضيف الزوجة أن راتب نسبة العجز هو 33 ألف ل.س ولا تكفي شيئاً، لكننا لا ننكر أنه تم تأمين مسكن لنا، وعلي حالياً يعمل حارس ليلي براتب 26 ألف، ليستطيع تأمين القليل من متطلباتهم الحياتية".
تضيف الزوجة " لدينا طفل مصاب بمرض القلب، قدم علي على طلب ترخيص كشك، لكن لم يوافقوا على طلبه وتم إعطاؤه نمرة سيارة معفية من الرسوم والجمارك لكن ما فائدتها، فنحن لا نستطيع شراء لعبة سيارة لأولادنا لنشتري سيارة حقيقية، حتى أننا لا نستطيع بيعها فهي مخصصة للمصابين".
معاناة علي ليست بعجزه بل بمرض طفله ابن 10 شهور والمصاب بالقلب، حيث تواصلوا مع عدة جمعيات تخص مصابي الجيش لمعالجته ، وجميعهم أقفلوا الباب بوجههم حيث لا يقدمون المساعدة إلا لمن نسبة عجزهم تفوق 80% ، لكن منذ شهر ونصف الشهر أجرت العائلة العملية من خلال جمعية (لمسة شفا) التي تكفلت بالتكاليف كافة وهي مليون و 700 ألف ل.س، تخبرنا زوجة علي أن محافظ حماة طلب أن يرى مصابي وادي العيون وهنا طلبت منه تقديم وظيفة لمساندة زوجها، فقام بتقديم عقد في مديرية الزراعة بمصياف لمدة3 أشهر وتم إعطاء راتب عن شهرين ونصف من قبل المحاسب، وتمنت زوجة علي لو أن المحافظ أعطاها مبلغ مالي مقطوع يكون رأس مال لتأسيس مشروع صغير يكفيها أو لو أن الدولة تقوم بزيادة رواتب المصابين وتأمين فرص عمل لهم لعل ذلك أفضل من هذه الحالة المذلة التي يعيشونها.
برنامج دعم المسرحين
أقر مجلس الوزراء الأحد 10/2/ "برنامج دعم وتمكين للمسرحين من خدمة العلم الذين أمضوا خمس سنوات أو أكثر في الخدمة الالزامية أو الاحتياطية أو المسرحين نتيجة اصابتهم في العمليات الحربية يتضمن تقديم مبلغ /35/ ألف ليرة سورية شهرياً لمدة سنة يتم خلالها تسهيل حصولهم على فرصة عمل بالقطاعين العام والخاص أو الأهلي وتقديم تسهيلات لتأسيس مشاريع متناهية الصغر على أن يتم تأهيلهم وصقل مهاراتهم مهنيا وحرفيا لتمكينهم من الحصول على الفرص المذكورة".
الجميع خذلني
"تمنيت الموت ألف مرة لئلا أصبح عالة على أهلي ومجتمعي"، هذا ما عبّر عنه محمد لـ "جريدتنا" لذي رفض ذكر اسمه بالكامل"، متابعاً: "لم أكن أتوقع يوماً أن إصابتي ستجعلني نادماً على اندفاعي لحمل السلاح دفاعاً عن وطني، وأنا الذي أصبت مرتين قبل إصابتي الأخيرة، وعفيت من الخدمة وعُدت لحمل السلاح، ومواجهة الإرهاب، لم أكن أتوقع أن تكون مكافأتي من أهلي قبل دولتي بالتذمر من خدمتي، أنا الآن عاجز عن الحركة الكاملة بسبب إصابتي بالعمود الفقري.
يجد الجريح الذي فقد الأمل في كل شيء، أن الحل الأمثل لمشكلته التي من الأكيد أنها مشكلة لآخرين من جرحى الحرب، هو أن تقوم الدولة بإنشاء مراكز لرعاية الجرحى أشبه بدور رعاية المسنين، لتكون ملاذا آمنا لمن تذمّر أهله من خدمته، أو لمن لا يرغب بأن يكون عبئاً على ذويه بسبب إصابته، ثم يسأل: "لماذا لا يكون ثمة اختصاصيين يقومون بتدريب ذوي الاحتياجات الخاصة على كيفية الحياة بمفردهم، خاصة من الجرحى الذين لم يكونوا سابقاً معاقين وهم لم يتأقلموا بعد مع الإصابة"، كما يفكر الشاب الذي أخذت الحرب زهرة شبابه بأن يكون ثمة مراكز تساعد المصاب على اكتساب مهنة يدوية أو فكرية ليقدر على تأمين متطلباته الشخصية وحاجاته الأساسية.
المصدر: رصد
بواسطة :
شارك المقال: