الشباب في القامشلي.. بين "التجنيد الإجباري" و 6 آلاف دولار !

أمضى "خالد ع" إجازته بين أهله وأصدقائه بمدينة "القامشلي" سراً ومبتعداً عن المسير في الشوارع والأحياء، ووصل خوف أهله عليه أن يظهر للحظات في إحدى الأزقة أو أمام المنزل، رغم وصوله إلى مدينته عبر مطار "دمشق الدولي"، قادماً من مدينة "أربيل" العراقية، ولكن لماذا كل هذه الرهبة؟
"خالد" يتحدّث عن تلك الزيارة غير المسبوقة، والتي اعتبرها بأن غصاتها ووجعها كبير، لكنها واجب الحنين تجاه الأبوين المريضين، يقول في حديثه لجريدتنا: «مؤجل بشكل نظامي من التجنيد التابع للدولة، لكنني مطلوب للخدمة العسكرية عند الإدارة الذاتية، أصبحتُ في هذا القلق من أربع سنوات، في كل سنة أزور أهلي ووالدي قادماً من "العراق" عبر مطار "دمشق"، وأصل من مطار "القامشلي" سيراً على الأقدام، لكي أبتعد عن الحواجز التابعة لهم، وأمضي الإجازة بكل أيامها محبوساً بين جدران المنزل، والعودة أيضاً بذات الطريقة، مسيراً نحو مطار "القامشلي"، ومنه إلى "دمشق" و"العراق"»، مؤكداً أنه عبارة عن نموذج لآلاف الشباب الذين يعانون هذه المعاناة، وهي ضرورة خدمة الجيش عند الدولة الشرعية، وعند الإدارة الذاتية».
بدورها، أصدرت "الإدارة الذاتية"، وخلال الساعات الماضية قراراً يقبل بموجبه البدل النقدي من الشباب المغتربين خارج الحدود، لكن الصدمة كانت في قيمة المبلغ، والتي اعتبرها الشباب وأهلهم ومن سمع به، بأنه قرار غير إنساني وبعيد عن الدراسة، وأكثر من ذلك فهو استفزازي، حيث يتطلب منه دفع مبلغ 6 آلاف دولار كبدل نقدي عن الخدمة المفروضة عليه لدى الإدارة الذاتية، ومدتها الزمنية عام كامل.
شكل قرار تأسيس الإدارة الذاتية لشعب تجنيد في جميع المناطق التابعة لها، وملاحقتها الشباب ضمن عمر الـ30 عاماً حتى 18، لواجب الدفاع الذاتي في مناطقها صدمة وهجرة كبيرة لفئة الشباب، وساهمت بشكل كبير بإفراغ المنطقة منهم، وهجرتهم نحو المحافظات الداخلية الأخرى، وأبعد من ذلك، فقد فرّ الآلاف منهم نحو الدول الأخرى القريبة والبعيدة،.
خلقت هجرة الشباب فراغاً كبيراً، نتجت عنها نتائج سلبية كبيرة وكثيرة، أبرزها أن الكثير من الأهل باتوا في حسرة وحزن كبير لفراقهم، عدا عن نقص اليد العاملة، وبعض الشباب ترك دراسته الجامعية وفرّ بعيداً، والأقسى من ذلك أن عدداً كبيراً منهم، فقد حياته نتيجة إلزامه بالخدمة، وزجه في جبهات القتال، وهو لا يفقه أي شيء بالسلاح والحروب اللعينة، مع الإشارة إلى أن بعض الشباب كانوا في زيارات عائلية قادمين من دول قريبة كـ"لبنان" و"العراق" و"تركيا"، كالشاب "عبد الرحمن ط" وتم إلقاء القبض عليه في الحي الذي يقيم فيه، وهو منذ عام وأكثر في الخدمة الإلزامية لديهم، وصدمته أنه أداها بالتمام والكمال، لكنه تمّ الاحتفاظ به.
هذا، وكانت "الإدارة الذاتية" أصدرت مؤخراً قراراً يحتفظ بموجبه ولمدة شهرين بجميع العناصر التي اكتملت خدمتها 12 شهراً، وشكل القرار غرابة كبيرة واستغراباً من الشباب وأهلهم الذين كانوا يعدون الساعات والأيام للخلاص من كابوس العام العسكري الإجباري، لكن الاحتفاظ لا يساوم عليه، والناس تتساءل: لماذا الاحتفاظ وملاحقة الشباب والخدمة الإلزامية، وحسب قرارات الإدارة الذاتية أن "داعش" ولّت والحرب معها انتهت.
حيرة أبناء المنطقة كبيرة، وحسراتهم لا توصف، فهم في مكان وجدت وصدرت فيه قرارات يصعب عليهم تحملها وتنفيذها، فهم وحسب وصفهم وكلامهم يتبعون لجهتين، ولابد من تنفيذ قرارات الطرفين، ومنها الخدمة الإلزامية، فلا يوجد في أي بقعة بالعالم أن شاباً يؤدي خدمة الجيش لدى جهتين، فالكل يعرف أن الجيش تابع للدولة وهي الجهة الشرعية، وعلى الإدارة الذاتية إعتاق مصير الشباب، ليبنى البلد وتعود الحياة للمنطقة التي باتت شبه فارغة من حيويتهم وروحهم وعطائهم.
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: