Sunday November 24, 2024     
00
:
00
:
00
  • Street journal

"الساروت" أداة حرب إيديولوجية .. متى نستيقظ؟

"الساروت" أداة حرب إيديولوجية .. متى نستيقظ؟

رماح زوان

عاطفياً! عبر أناشيده التي كتبت بإيقاع يدغدغ المشاعر ويؤجج العواطف، وألقاها بظرف كان الاحتقان في أوجه، نعى البعض عبر منشوراته "عبد الباسط الساروت" مُبدين الحزن على مقتله.

وهنا ليس الاتهام في أن هؤلاء بايعوا "داعش" وتبنّوا أفكار عناصره، بقدر ما هو ناقوس خطر يكاد ينفجر من كثرة الدق، لينبه الذين قادتهم مشاعرهم للترحّم على أحد عناصر التنظيم المصنّف على لوائح الإرهاب العالمية، والذي يرفض السوريين بكل طوائفهم إلا من يبايعه في سبيل تأسيس دولته الإسلامية!

حقيقة لا أعلم ما هو المصطلح الذي يوصف الحالة، لكنه يشبه الاختراق الأيديولوجي لدماغ الإنسان السوري عبر استثارة العواطف خلال سنوات الحرب، مصيبة التعاطف مع "الساروت" واضحة، ولكن السؤال كم فكرة رُوِّج لها دينيا أو اجتماعيا أو سياسياً.. الخ، اخترقت رؤوسنا؟!

مع بداية الأزمة هناك من طالب بتدخل الناتو، ثم هناك من بات يحبّذ "اسرائيل" على أي نظام عربي، وآلاف الحالات غيرها إلى ما وصلنا اليه يوم مقتل المدعو "الساروت"، من اخترقنا ولماذا؟

من الواضح أننا ننساب من تعايشنا كما ينساب الماء من بين الاصابع. سنفرغ حتماً، إذا لم نبدأ اليوم بخطة عمل تشمل الدعم النفسي الأولي المدروس بدقة عبر أخصائيين يصلون إلى الدعم النفسي المتقدم، ثم مواجه الحياة التي تعتبر في كثير من المناطق مثل محافظة درعا حياة جديدة أو بالأحرى ولادة جديدة، وأقصد ضرب درعا مثالاً دون غيرها لما يحدث فيها من تعرض وهجمات على حواجز للجيش السوري والقوات المسلحة وتهديدات لمؤيدي الدولة بعد المصالحات الوطنية التي أجزت.

ومنه نلاحظ أن حرب الأيديولوجيا التي تستهدف الوعي وتعمل على تزييفه مستمرة ولو انتهت الحرب العسكرية عبر تأجيج المشاعر بوسائل مختلفة وكسب التعاطف، ليحدث اختراقاً في آلية تفكير الأفراد المشكلّة للوعي الجمعي، وبالتالي النظرة أو السلوك العدائي تجاه كل من هو ضده. إنه الاختراق الجديد الذي حلّت فيه مفردة الإدراك محل مفردة الوعي من خلال اختطاف الإدراك وتوجيهه نحو تسطيح الوعي ليصبح صوراً ومشاهداً ذات طابع إعلامي مثير للإدراك، مستفز للانفعال، حاجب للعقل، وموجه للخيال والسلوك.

إنها ايديولوجيا الاختراق الثقافي في قاموس الربيع العربي ومن يقف خلفه، وهو صراع الأيديولوجيا الذي لا يقدم نفسه كخصم، وإنما كل ما يقدمه هو مشاريع الأوهام وسلوك نهج مدمر للمجتمع والعقل والبنى التحتية. لدينا اليوم الكثير من التجارب مع كل أسباب الاتعاظ، تابعوا ما تسبب به "الساروت" وأصدقائه القتلة في مخيم الهول والركبان، هناك 3000 طفل من أبناء مقاتلي "داعش" بين أجانب ومحليين لا يعرف أحد من هم آبائهم، هل تريدون أن يكون لديكم نواة لدمار جديد ومأساة جديدة ؟!

 

المصدر: خاص

بواسطة :

شارك المقال: