"الرحم المأجور"عادة قديمة جديدة في سوريا.. حسّ الأمومة يفسد صفقة التلقيح!
خاص/ حسن سنديان
خلفت الأزمات والحروب مفرزات، من الواضح أنها تخالف العادات والتقاليد لدى المجتمعات العربية وخصوصاً السورية، وشاع مؤخراً الزواج لفترة قصيرة وبيع الخصية، والرحم المأجور، كلّ هذه المفرزات على ما يبدو أنها نتاج أزمة اقتصادية خلفتها حرب دامت لأكثر من عشر سنوات، ولكن موضوع "الرحم المأجور"، الذي بات حديث الشارع السوري، لم يكن وليد الأزمة بل موجود عند بعض السوريين من قبل الحرب ولكن بالخفاء، وبعضه ظهر جلياً في الحرب.
مواقف سجلها السوريون، كان البعض منهم شهود عيان على حوادث عن استئجار الرحم، حصلت في سوريا، تروي المعالجة الفيزيائية "راما الحايك" عن حادثة استئجار رحم حصلت في دمشق، رفضت الكشف عن هوية المستأجرين، «وهي لأم سورية مقيمة في لبنان لا تستطيع الإنجاب فلجأت إلى "الرحم المأجور"، عن طريق تلقيح متطوعة بموافقة الزوجة التي لاتنجب، ولكن مقابل أجر مادي، وموافقة الطرفين»، مضيفةً أن «العملية تمت بدفع مبلغ مالي متفق عليه بي هذه الأطراف».
رواية أخرى، منذ عشر سنوات حصلت في إحدى المناطق السورية، أكدت صاحبة الرواية التي رفضت الكشف عن اسمها لجريدتنا أن الحادثة حصلت فعلاً قبل الحرب لأم تعاني من مشاكل صحية ولاتنجب، وتمت بموافقة الزوج».
هذه العملية تعتبر بديلة للحمل الطبيعي وللنساء اللواتي لا يستطعن الإنجاب، وتتم عن طريق عملية الإخصاب خارج الجسم بتلقيح بويضة المرأة بماء زوجها في المختبر قبل أن تتم زراعة واحدة أو أكثر من تلك البويضات المخصبة في رحم امرأة متطوعة لتنمو وتستكمل فترة الحمل، ويطلق على المرأة صاحبة الرحم اسم الأم البديلة وصاحبة البويضة "الأم البيولوجية"، وحينما تلد الأم البديلة الطفل تسلمه للزوجين مقابل مبلغ متفق عليه.
الرحم المأجور يتحول إلى خلاف والسبب.. غريزة الأمومة!
في الآونة الأخير، تداولت وسائل إعلام سورية، حول نزاع حصل في القضاء السوري على طفل بين أم حملت به وأخرى تبرعت بالبويضة، الخلاف حصل بعدما تمّ الاتفاق مع سيدة لاستئجار رحمها، ومن هنا بدأ النزاع الحقيقي بين سيدتين، الأولى هي الأم التي تبرعت بالبويضة الملقحة، والثانية الأم التي احتضنت هذه البويضة في رحمها، وكبر الجنين من نطفة وعظام ودم وروح، وتمّ الحمل ونتج عنه طفل وبدأ النزاع.
قبلت السيدة الحاضنة من أجل المال وتنازلت مسبقاً عن حقها في الأمومة، ولكن غريزة الأمومة تحركت بداخلها أثناء فترة الحمل، وكان الاتفاق انتهاء دورها بعد الولادة بفترة قصيرة، ولكن ما حدث كان العكس، وتمسكت بالطفل.
استمر النزاع وبعد مفاوضات تمّ رفع “السعر”، وخضع الأمر للـ “بازار”، وتحوّل الموضوع إلى “بيع طفل”، واستمرت الأم الحاضنة بالمواربة، مع العلم أن الزوجين اللذين قاما باستئجار رحم تلك السيدة هما من تكفلا بكل مصاريف الطفل، والمحصلة هي “تربية مشتركة بين الطرفين”، والنتيجة عملية اختلاط أنساب، وقد يسأل أحدهم في حال تمّ إجراء فحص DNA ما هي نتيجته؟
هل يوجد قانون في سوريا يحرم أو يقرر إلى من يعود الطفل؟
قرار وزارة الأوقاف الأخير حول تحريم عادة الرحم المأجور، الذي عرضها للسخرية نوعاً من عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لم يكن عبثياً بل على مايبدو، بل كان متأخراً، أو أن الوزارة لم تكن على دراية بالانحدار الحاصل في المجتمع السوري، من قبل الأزمة السورية، ورؤيتها الخاطئة لمفهوم التربية الدينية وإسقاطها على المجتمع السوري.
أما من الناحية القانونية، فإن القانون السوري لم يتطرق إلى الرحم المستأجر، أو الرحم البديل، ولا يوجد أي نص قانوني يجيز موضوع استئجار الرحم، بحسب المحامية السورية "آلاء السيوفي"، التي أضافت أيضاً خلال تصريح لجريدتنا أنه «وبالعودة إلى مواد القانون السوري نجد بأن عقد استئجار الرحم يعد عقداً باطلاً، لأن السبب والمحل مخالفان للنظام العام، ولأنه يُشترط في العقد أن يكون موجوداً وغير مخالف للنظام العام، وبالتالي يعد هذا العقد مخالف للنظام العام والآداب العامة».
وتابعت السيوفي « وكون أن موضوع استئجار الرحم موضوع جديد في المجتمع لا بد من تدخل المشرّع السوري بنصوص صريحة يتحدث فيها عن هذا الموضوع، وفي حال عُرض قضية تنازع على الطفل، فهذا الأمر يعود على المحكمة الشرعية وكون قانون الأحوال الشخصية هو قانون مُستمد من أحكام الشريعة الإسلامية، حيث أجمع الفقهاء على تحريم قصة الرحم المأجور فإن موقف القانون السوري سيكون موافق للشريعة الإسلامية».
ولا يقتصر التحريم على الدين الإسلامي، إذ تحرمه جميع الكنائس المسيحية، "لتنافيه مع مبدأ الأمومة"، ويرفضه الفاتيكان ويرى أنه عمل غير أخلاقي، ولكن وتجيزه العديد من الدول، أبرزها أمريكا وبعض الدول الأوروبية كألمانيا واليونان، وتمنعه دول أخرى كفرنسا وإيطاليا وإسبانيا والصين.
المصدر: خاص
شارك المقال: