Thursday May 16, 2024     
00
:
00
:
00
  • Street journal

القبعات البيضاء تتلون بالرمادي

القبعات البيضاء تتلون بالرمادي

حسن عيسى

عندما يتعلق الأمر بالتصعيد، فلا بد من وجود أداة يتم استخدامها كوسيلة لخلقه والتهويل له، هذا بالضبط ما قامت به الولايات المتحدة في إطار سعيها لاستجرار عدوان عسكري غربي يستهدف الجيش والشعب السوري ككل.

 مع كل عملية عسكرية يستعد لها الجيش السوري تبدأ الحروب السياسية والدبلوماسية تحت طاولات مجلس الأمن وخلف كواليس الأمم المتحدة، فتنبثق عنها جلسات أممية طارئة تدعو الحكومة السورية للتوقف وعدم خوض أي عملية عسكرية؛ بحجة أن الجيش السوري يقصف المدنيين، عندها تظهر الفيديوهات والمسرحيات المفبركة؛ وأبطالها أناس يرتدون قبعات بيضاء يظهرون في مشاهد على أنهم يسعفون المدنيين وينقذونهم من تحت الأنقاض أو من الاختناق بالغازات السامة.

أصحاب الخوذ البيضاء أو "الدفاع المدني السوري" كما يسمون أنفسهم، ظاهرياً هي منظمة تطوعية تقول أنها تعمل لحماية ومساعدة المدنيين في سوريا جراء الحرب، نشأت عام 2013 وتضم إلى الآن حوالي 3900 متطوع، مقرها في أميستردام وأنشأتها الولايات المتحدة بدعم من كل من بريطانيا وهولندا وكندا وفرنسا واليابان، خضع أفرادها لتدريبات مكثفة ضمن معسكراتٍ تركية بإشرافٍ أمريكي، وقتل وجرح العشرات منهم على الأراضي السورية على إثر ما كانو يقومون به من عمليات، رشحت هذه المنظمة لجائزة نوبل للسلام لعام 2016 كما حصل فيلم وثائقي يتحدث عنها على جائزة أفضل فيلم قصير، وحصلت على جائزة المنظمة السويدية الخاصة التي تعد بديلة عن نوبل، أما باطنياً فهي تلك الأداة التي استخدمتها الولايات المتحدة للتصعيد والتهويل على أحداث لم تقع من أساسها، هي سلاحها الأبيض في سوريا وحورية البحر ذات المظهر الفاتن والأنياب الوحشية القاتلة.

تعددت النظريات حول هذه المجموعة من الأشخاص، فالغرب يعتبرها منظمة للسلام أما ما نراه نحن السوريون على أرض الواقع مختلفٌ تماماً، فآخر ما توصلت إليه المصادر الروسية في سوريا كان على لسان المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية التي تحدثت عن نقل أصحاب الخوذ البيضاء لـ5 أسطوانات عبر سيارتي إسعاف تابعة لهم تحوي على غاز الكلور السام وتسليمها لمسلحي "جبهة النصرة" في إدلب، بإشراف خبراء من بلجيكا وبريطانيا، بالإضافة لتزويد المستشفيات بأجهزة للتصوير، وذلك لافتعال مسرحية جديدة على غرار ما حصل في دوما وخان العسل.

تعامل الخوذ البيضاء لم يقتصر مع تنظيم جبهة النصرة فقط، بل امتد لأبعد من ذلك بكثير، حيث كشفت تقارير ووسائل إعلام إسرائيلية عن نقل مصابين تابعين للجيش الحر إلى الأراضي الاسرائيلية؛ لتتم معالجتهم في مشافيها؛ وذلك بمساعدة وتنسيق مع مجموعة الخوذ البيضاء التي دفعت ثمن ذلك معلومات وأسرار عسكرية سورية، بالإضافة لصور لمواقع عسكرية قدمتها على طبق من ذهب لقيادات تابعة لجيش الاحتلال.

اسرائيل بدورها تكفلت بالسماح ل400 شخص من هذه المجموعة مع أهاليهم بالدخول لأراضيها عبر الأراضي الأردنية، وذلك بعد إنتهاء المعارك في المنطقة الجنوبية واضطرارهم لتجاوز الحدود الأردنية والولوج إلى الأراضي المحتلة، بتنسيق أمريكي وبخطة كانت قد أعدت مسبقاً، كمثيلتها قرب الحدود التركية عندما سمحت القوات التركية لأصحاب الخوذ البيضاء بالدخول إلى أراضيها بعد توسيع الجيش السوري نطاق عملياته في إدلب.

ما يثير الجدل هو استمرار معاملة المجتمع الدولي وفي مقدمته الأمم المتحدة لهذا الجماعة على أنها منظمة إنسانية، على الرغم من كثرة الدلائل على تلطخ أيديها بدماء مئات السوريين، آخر هذه الدلائل كانت ما صرحت به وزارة الخارجة الروسية عن نقلها لغازات سامة إلى الجماعات المسلحة في إدلب؛ وقبلها عثور الجهات المختصة في ريف العاصمة دمشق على أسلحة وذخائر ومعدات طبية وعسكرية تابعة لها، الأمر الذي يثير علامات استفهام حول علاقة الأمم المتحدة مع هذه الجماعة وغيرها من الجماعات التي مارست لعبة تعدد الأوجه في الحرب السورية.

المصدر: خاص

شارك المقال: