Monday May 20, 2024     
00
:
00
:
00
  • Street journal

المواطن يترنح والمسؤول "ولا على باله "

 المواطن يترنح والمسؤول "ولا على باله "

مسافرٌ في الدروب يبحث عن وطنٍ من براءة الأطفال، من الهواء الذي يتبادله الأخيار، وطنٍ يئنُ وجعاً على قلب أُمٍ فقدت ابنها، وطنٍ ينحني خجلاً أمام دعاء المصلين.

كم أنت منسيٌ أيها السوري المولّع بأرضٍ ترعرعت فيها وتفاخرت بثراها، جسدك اليوم لا ظل له من كثرة الإبحار من هاوية إلى هاوية بحثاً عن مستقبل، مال أو أمل رحل وتركنا نعاني من آلام الحياة اليومية.

(33) رجلاً استماتوا من أجل منصبٍ يشاركونك به معاناتك، ويتألمون عنك حتى ينالهم التعب بحثاً عن تأمين حاجاتك المادية والرفاهية أيضاً، فوزير المالية يقف على طابور الغاز راجياً جرة من بائع محتكر متمسك بتصريح معلمه وزير النفط "إننا في انتظار المادة السائلة"، ولا تسأل عن المازوت الذي هجرك منذ زمن بعيد، أما الكهرباء الشحرورة الغندورة صاحبة الأُنس الثقيل في سهرتك وزيرها يُصدّر الكهرباء بحجة استيراد قطع صيانة لمحطات التوليد ويعزي انقطاع الكهرباء إلى أعطالٍ يعمل على تصليحها.

مائدتك الصغيرة تتبدل ملامحها ويختفي حجمها من أول الشهر لآخره والعتب على زوجتك في الطبخ فهي تقطع عنك اللحمة بحجة الكولسترول والسمنة الحيوانية تسبب ارتفاعاً في ضغط الدم، لذا عليك بالخضروات ولكن احسب مافي الجيب قبل سباق الأسعار الجنونية فالبطاطا تنافس البندورة تحت شعار "من يصل إلى الـ500 أولاً"، والبصل أصبح فاكهة بسعرٍ تجاوز الـ300 ليرة والكوسا دعها وشأنها لأن مهرها غالي والطلب عليها أصبح لذوات الدخل العالي، لتبقى الكرة بملعب التجار ومسؤولو وزارة التجارة وحماية المستهلك والحجة واحدة هي ارتفاع سعر صرف الدولار!

والسبع العجاف لا بد من من حسنةٍ تُعدل صفوها، حسنةٌ تمثلت بمنتخبنا الذي كان قاب قوسين أو أدنى من الوصول إلى الحلم المونديالي، إحد عشر لاعباً وقفت معهم أنت وأولادك وجيرانك في البطولة الآسيوية التي غادروها فوراً تاركين صدمة على وجوه عشاقهم الذين رؤوا فيهم فرحة شعبٍ عانى الكثير، ليظهر بعد خروجنا بطل الحكاية رئيس الاتحاد الرياضي العام بتصريحاتٍ صاعقة جاء في أبرزها "أنه لا يحب كرة القدم".

أما عن الجامعات الحكومية التي يعاني ابنك فيها من سوء التحصيل العلمي وغياب الكادر التدريسي الذي كنا نتفاخر به، ناهيك عن الأزمات التي عصفت به كطالب ساهمت في تقصيره الدراسي وأصبحت الدورة التكميلية التي اعتاد عليها طيلة الأزمة مطلبه الوحيد، دورةٌ تصدر بمرسومٍ يساعده على النجاح وتدفعه خطوة للأمام لكن وزير التعليم قال "لا حاجة للدورة التكميلية هذه السنة" قاطعاً الطريق أمام آلاف الطلاب الذين استنفذت فرصهم جراء هذا القرار.

وساعة الجري يومياً لا بد منها عند كل موقف من أجل مقعد في باصٍ يعاني كلما دعس ربانه أكثر، وهذه أزمة كلما اشتدت خرج بطل الموصلات الوزير بتصريحٍ يحمل اللوم فيه على نقص الوقود! ويصلح الموقف بالتوقيع مع تاجرٍ لاستيراد باصات لنقل ركاب الوطن.

 شكراً يا من جعلتم حياتنا أفضل، شكراً لأننا نتنفس من فسحةٍ ضاقت بنا من هواء يرافقه غصة ودمعة حائرة في جوف غيمة ننتظر هطولها لتغسل أوجاعنا.

 

المصدر: خاص

بواسطة :

شارك المقال: