"المتغطي بالأمريكان عريان"
وسام إبراهيم
على إحدى صفحات مذكراته، ذكر أحمد أبو الغيط، وزير خارجية مصر في عهد حسني مبارك، أن الرئيس المخلوع وفي معرض حديثه عن مؤامرة أمريكية مدبرة للإطاحة به، قال: "المتغطي بالأمريكان عريان" !!
يستعد حاليا أكثر من 2000 جندي أمريكي، ينتشرون شرق الفرات ومنبج للانسحاب الكامل من سوريا، بعد أن فاجأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب العالم عموما وميليشا قوات سوريا الديمقراطية خصوصا بقرار سحب القوات الأمريكية من سوريا.
أكثر من أربع سنوات مرت منذ أن أعلن الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما إنشاء تحالف ستيني بقيادة الولايات المتحدة، بدعوى محاربة تنظيم الدولة الاسلامية "داعش" في سوريا والعراق، تحت اسم "العزم الصلب".
في 22 أيلول 2014 شنت الولايات المتحدة بالتعاون مع دول أخرى أولى هجماتها ضد داعش في سوريا باستخدام المقاتلات الحربية وراجمات الصواريخ وصواريخ توما هوك، وشارك في التحالف الأمريكي أكثر من ستين دولة، من بينها دول عربية - السعودية وقطر والإمارات والأردن والبحرين - معظم هذه الدول قدم الدعم اللوجستي، فيما انطلقت الطائرات الحربية من قاعدة جوية في قطر ومناطق اخرى في الشرق الأوسط.
أعلنت الحكومة السورية حينها أن واشنطن أبلغتها بالعمليات العسكرية للتحالف، لكن واشنطن نفت قيام أي تنسيق مسبق مع دمشق، وبعد ثلاث سنوات أعلنت الولايات المتحدة أن التحالف شن أكثر من 23 ألف غارة في سوريا والعراق، 10 الآف غارة منها في سوريا، بتكلفة تجاوزت 13 مليار دولار.
وعلى مدى سنوات التدخل في سوريا، واجهت الولايات المتحدة انتقادات حادة أهمها سقوط ضحايا مدنيين في غاراتها ضد داعش، وتشريد الآلاف السكان، وفيما أقر التحالف نهاية آب الماضي بمقتل 1061 مدني على الأقل في الضربات التي نفذها في سوريا والعراق، يظهر أن هذا الرقم أقل بكثير مما تعطيه جهات مراقبة مستقلة، من بينها المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي يديره رامي عبد الرحمن من بريطانيا، الذي أعلن في أيلول من العام الجاري أن ضربات التحالف في سوريا أسفرت عن مقتل 3331 مدنيا، بينهم 826 طفلا.
كما اتهمت الولايات المتحدة بالمبالغة في تدمير المدن والبلدات التي يسيطر عليها داعش، ووجهت انتقادات لها بعدم وجود خطط واضحة لإعادة الإعمار والإيواء، كما اتهمتها موسكو في أكثر من تصريح بالكيل بمكيالين في محاربتها للإرهاب في سوريا، حيث استثنت قوات التحالف جبهة النصرة المصنفة أمميا بالإرهابية من ضرباتها الجوية، فيما اعتدت أكثر من مرة على مواقع للجيش السوري، معظمها على نقاط تماسه مع التنظيم المتطرف في دير الزور.
وتعتبر الضربة الصاروخية التي نفذتها القوات الأمريكية على قاعدة الشعيرات الجوية في 7 نيسان 2017 هي المرة الأولى التي تصبح فيها الولايات المتحدة في مواجهة مباشرة مع الجيش السوري، وفي نيسان من العام الجاري اعتدت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا بهجوم صاروخي على مواقع عسكرية سورية، بعد زعمها قيام الجيش السوري بتنفيذ هجوم كيميائي في دوما، تم دحضه لاحقا.
دعمت الولايات المتحدة منذ دخولها المباشر على خط الأزمة في سوريا ميليشيا قوات سورية الديمقراطية، والتي لها صراعات مع مسلحي المعارضة السورية وتركيا، وقد استعانت هذه القوات ذات الغالبية الكردية بالوجود الأمريكي في الشرق لمحاربة داعش أولا، واعتقادها ثانيا أنه سيشكل غطاءا لها لإنشاء كانتون كردي شمال سوريا، لكنها اليوم تجد نفسها من دون "الترس" الأمريكي في مواجهة استعداد تركي لشن هجوم آخر عليها في الشرق، بعد أن احتلت تركيا بالتعاون مع مسلحي درع الفرات مدينة عفرين ذات الغالبية الكردية، حيث فضلت حينها "وحدات حماية الشعب" المواجهة المحسومة بالخسارة في وجه الأتراك على أن تسمح للجيش السوري بدخولها وتمنع الكارثة.
بعد إعلان البيت الأبيض سحب كامل قواته من سوريا، أكد مسؤول أمريكي لرويترز أن كل شيء حدث في إطار تنفيذ الاتفاق الذي تم التوصل إليه في مكالمة بين ترامب وأردوغان، وقد اعتبرت "قوات سورية الديمقراطية" أن القرار الأمريكي "خنجر في الظهر"، في انتظار ماستحمله الأيام المقبلة من نتائج لهذا الانسحاب، ولصالح من سيكون، لكن المؤكد ان "قوات سورية الديمقراطية" أول الخاسرين، و"المتغطي بالأمريكان عريان".
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: