Sunday May 19, 2024     
00
:
00
:
00
  • Street journal

الملاك الوظيفي في المؤسسات الحكومية «خلل هيكلي تاريخي»

الملاك الوظيفي في المؤسسات الحكومية «خلل هيكلي تاريخي»

الدكتور مدين علي

تعاني مؤسسات القطاع العام، ومختلف المؤسسات  الحكومية في سوريا من نقصٍ كبيرٍ في حجم الكوادر البشرية ونوعيتها، لا سيما الكوادر من حملة الشهادات الجامعية، وهذا النقص يرتبط في الواقع، بمجموعة كبيرة من الأسباب، أهمها: التسرب الكبير في الكادر البشري من حملة الشهادات الجامعية، جراء الهجرة، أو الالتحاق بالخدمة العسكرية، والتقاعد المبكر، أو الحصول على إجازات بلا أجر، والانتقال للعمل بالقطاع الخاص، حيث مستوى الأجور أعلى، هذا من جانب، وانخفاض نسبة حملة الشهادات الجامعية في الملاك الوظيفي من جانبٍ آخر.  

إذ تشير البيانات إلى أن  نسبة حملة الشهادات الجامعية، لا تتعدى حدود الـ (25%) من إجمالي الملاك الوظيفي في أحسن الحالات،  وتنخفض هذه النسبة إلى حدود (15%) في بعض المؤسسات الحكومية.

 كل ذلك  يجري في الوقت، الذي ترتفع فيه نسبة البطالة، بين صفوف حملة الشهادات الجامعية الشباب (الذكور والإناث)، لا سيما الإناث، إلى معدلات ونسب مرتفعة من إجمالي عدد العاطلين عن العمل في سوريا.

وفي كافة الأحوال، إن ارتفاع نسب البطالة بين الشباب، من حملة الشهادات الجامعية، من الذكور والإناث، ينطوي على مخاطر اقتصادية كبيرة ومنعكسات سلبية مهمة، على مستوى الاقتصاد الوطني، إذ يحرم مؤسسات الاقتصاد السوري من الكوادر والكفاءات الإدارية، والخبرات الفنية (التكنوقراط)، الذي يشكلون في الواقع حاجةً حقيقية للاقتصاد الوطني، لا سيما في مرحلة إعادة الإعمار، مع الأخذ بالحسبان، أن الكوادر البشرية العاطلة عن العمل والمتسربة، تمثل في الواقع هدراً  كبيراً لرصيدٍ  استثماري تاريخي  تراكمي،  في رأس المال البشري، طوال عقودٍ من الزمن.

إن  ما تقدم  يبين بصورة واضحة، أن مشكلة البطالة في سوريا بين الشباب (الذكور والاناث)، تحديداً بين صفوف من يحملون إجازات جامعية، باتت مشكلة حقيقية، تواجه الاقتصاد السوري، تتطلب  صياغة خطط وبرامج تنموية استراتيجية. 

وهذا يحتاج  تنفيذ مجموعة كبيرة من الإجراءات والتدابير منها: خلق مناخ استثمار حقيقي، يساعد في تحفيز الاستثمار بوساطة  سياسة اقتصادية متكاملة، سواء كان على مستوى البرامج، أم على مستوى السياسات هذا من جانب، وإعادة النظر من جانبٍ آخر، وبصورةٍ عاجلة بهيكل الملاك الوظيفي القائم/ الراهن في المؤسسات الحكومية، بصورة تساعد في  زيادة نسبة حملة الشهادات الجامعية في هيكل الملاك الوظيفي الراهن، بحيث تصبح نسبة حملة الشهادات الجامعية تتراوح بين (50-60%)، من إجمالي عدد الملاك، وهذا يتطلب، استصدار مجموعة معينة من الصكوك التشريعية، والقوانين الجديدة، التي تستهدف تعديل هيكل الملاكات، بصورة تمنح مزيداً من الفرص، والإمكانات لقوة العمل الشابة والأكاديمية، للالتحاق  بفرص العمل، والإسهام  بصورةٍ فاعلة في عملية إعادة البناء.

المصدر: خاص

بواسطة :

شارك المقال: