المخاتير بين "برستيج" اجتماعي إلى عمل مجهد !

في سابق العصر والأوان كان ينظر لمختار الحي على أنه مهمة اجتماعية وأخلاقية وممثلاً لكل من يقطن ضمن قطاعه الجغرافي "مخترته"، فالمختار بمثابة صلة وصل بين الأجهزة الحكومية والمواطنين القاطنين ضمن "سيطرته"، ومعظم مهامه تتعلق بإصدار أوراق رسمية كسند الإقامة وشهادة ولادة، وكذلك شهادة حصر الإرث ومعاملة زواج والسماح بالسفر وبيان نقل سكن إضافة لشهادة وفاة مع البيانات الإيضاحية وتصديق صورة عن إخراج القيد وشهادة تعريف لقسم الشرطة وعقد الإيجار.
وخلال الأزمات المعيشية المتتالية التي تعصف بالبلاد والتي أعادت لهذه المهنة بريقها "الفضفاض"، بداية من تأمين الخبز سابقاً ومروراً بتأمين الغاز وتوزيع المازوت على المنازل السكنية عن طريق الجداول التي ينظمونها، وكثيراً ما ينتشر على مواقع التواصل الاجتماعي بين فترات قصيرة استياء من قبل المواطن وتحديد أسماء بعض المخاتير الذين يتجاهلون حق المواطن الفقير المعتمد في تسيير "أموره على الله".
بعيداً عن الروتين والبيروقراطية المتمثلة بـ "خود موعد مسبق" مختار حي سليمان الحلبي بحلب عمار دايخ قال لـ "جريدتنا" أن أجور المخاتير لا تكفي مقابل الغلاء الفاحش الذي يضرب الأسواق المحلية يقولون أن مختار الحي يسجل لديه مراجعين كثر في اليوم الواحد في حين أنه لو راجع المختار 10 أشخاص في اليوم فلن تبلغ يومية المختار 2000 ليرة سورية وهي بطبيعة الحال لا تكفي لوجبة غذاء، مضيفاً أنه لولا وجود راتب تقاعدي لكانت الأمور في غاية السوء، فأغلب المخاتير يعتمدون على مردود آخر منهم من كان يمتهن عمل آخر أو كان موظف أو موجه متقاعد، ذلك بحسب ما جاء في المادة /90/ من المرسوم التشريعي رقم /107/ لقانون الإدارة المحلية أن يكون مختار الحي من غير العاملين في الدولة، وأن لا يقل عمره عن 35 عاماً، وأن يكون حاصلاً على شهادة التعليم الأساسي على الأقل، الأمر الذي يفتح أبواباً واسعة أمام من يريد أن يكون مسؤولاً على رعيته.
وتابع مختار حي سليمان الحلبي حديثه بالقول "بلا يمين دافع 2000 ليرة حق تصوير أوراق" لأن لذوي الشهداء والمفقودين معاملة خاصة فيتم تصوير الوثائق والثبوتيات اللازمة وتصديقها من قبل مختار الحي مجاناً دون دفع الأجور رغم عدم ورود ذلك في قوانين الإدارة المحلية، وبعد التأكد من امتلاك المراجع لبطاقة الشرف، الأجور التي حددتها المادة /94/ من قانون الإدارة المحلية أنه يستوفي المختار بدلاً عن أداء خدماته حسب التعرفة التي يقرها مجلس الوحدة وفق الأسس التي يحددها مجلس المحافظة، مضيفاً أن مهنة مختار الحي تكون حسب اتباع أهواء من يمارس تلك المهنة كلٌ حسب مرونته وأخلاقه الشخصية.
وبالانتقال إلى دوام المختار فأوضح دايخ أنه إضافة للدوام الرسمي ونتيجة عمل المختار مع العديد من الجهات الرسمية والأمنية فقد يضطر مختار الحي لمتابعة عمله لساعات متأخرة ليلاً بالإضافة لمتابعة قضايا لجان الأحياء وموضوع نظافة "مخترته"، مطالباً رفع بدل خدمات المخاتير أسوة بما جرى في محافظة ريف دمشق منذ شهرين بعد اقتراح لجنة الخدمات برفع بدل خدمات المخاتير لتصبح 500 ليرة لشهادة الزواج و400 ليرة لمعاملة الحجز و300 ليرة للولادة وسند الإقامة و200 ليرة لشهادة التعريف و100 ليرة لشهادة الوفاة و200 ليرة للوثائق التي لم يتم ذكرها، أما شهادة فقر الحال فبقيت مجانية.
إذ لم يوافق مجلس محافظة حلب في دورته العادية الرابعة على كتاب مجلس مدينة حلب بتاريخ 15/5/2019 والمتضمن طلب إعادة النظر بالأسس الموضوعة لتسعيرة المخاتير في مدن مركز المحافظة، نظراً لارتفاع تكاليف المعيشة وارتفاع الأسعار حسب الظروف الراهنة بناء على اجتماع مجلس مدينة حلب بجلسته رقم /1/ تاريخ 25/3/2019، وعلل أعضاء مجلس المحافظة بأن الواقع الحالي لا يستوجب زيادة تسعيرة بدل أداء خدمات خاصة وأن التعرفة الحالية قد أقرت منذ عام تقريباً، مؤكدين على عدم تحميل المواطنين أعباء إضافية.
بدوره، قال مدير الشؤون الإدارية في مجلس مدينة حلب رضوان الحسن لـ "جريدتنا" أن أعضاء مجلس المدينة سيرفعون الاقتراح مجدداً للدورة القادمة لمجلس المحافظة، مبيناً أن التسعيرة المعمول بها حالياً هي القرار رقم /٢٠/ لعام ٢٠١٦ ولم يطرأ عليها أي تعديل حتى تاريخه، مضيفاً أنه يُطلب من المخاتير وضع التسعيرة في مكان ظاهر للمواطنين وفي حال تقاضي المختار أي أجور زائدة يعاقب على ذلك بالإنذار المسجل ثم إعفائه من مهامه إذا كرر المخالفة.
واشترط مدير الشؤون الإدارية بمبادرة المواطن بثقافة تقديم الشكوى ومواجهته بالمختار منوهاً إلى حدوث مخالفة ارتكبها أحد المخاتير في حلب والذي تقاضى مبلغ /٣٠٠٠/ ليرة سورية من أحد المواطنين لقاء خدمة واحدة وعندما تقدم المواطن بشكوى تمت مواجهته مع المختار الذي اعترف وعوقب بالإنذار المكتوب وذلك لمنع تكرار هذه المخالفات.
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: