Tuesday April 16, 2024     
00
:
00
:
00
  • Street journal

اللاهثون وراء «التفاهة»!

اللاهثون وراء «التفاهة»!

 ديب سرحان

«هل زرت برج إيفيل الذي تم إنشاؤه في مدينة حمص؟»، «كيف عم تتعاملي مع حماتك؟»، «كم كيلو لحمة بتاكلوا بالشهر؟»، «شو مواصفات بنت الحلال المستقبلية؟»، ربما تكون سمعت أو شاهدت أحد تلك الأسئلة على إحدى منصات التواصل الاجتماعي، والأكيد أنك سمعتَ أو شاهدتَ سؤالاً يدور في ذات فلك الأسئلة السابقة، وتساءلت ما الهدف من هذه الأسئلة؟ ولماذا انتشرت بكثرة في الآونة الأخيرة؟

لو تم طرح هذا السؤال حول «الفائدة من تلك الاستطلاعات»، على أصحاب الأسئلة أنفسهم، لربما لم يجدوا جواباً مقنعاً لما يقومون به، إلا البحث عن الشهرة وجذب مشاهدات أكثر، وإن كان الطريق لذلك هو التطرف في التفاهة أكثر، والبحث عن أفكارٍ وأسئلةٍ لم يتناولها أحد غيرهم، حتى وإن كانت «تافهة» لأدنى الدرجات؟

«العالم لن يفنى بسبب قنبلة نووية بل سيفنى بسبب الابتذال والإفراط في التفاهة التي ستحوّل العالم إلى نكتة سخيفة»، هكذا يعبر الكاتب الروائي الإسباني «كارلوس زافون»، في كتابه «ظل الريح»، عن حالة تعويم التفاهة المنتشرة في الإعلام.

ويقول آلان دونو في كتابه نظام التفاهة «يهتم الإعلام غالباً بمواضيع (تافهة) ترتبط بحياة طينة من الأفراد، وفضائها، وقصصها، وأخبارها، بصور ومقالات مطولة ترصعها اللغة الرنانة، فلا تكاد تشير إلى موضوع إنساني من زاوية كونية وعقلية، وبالتالي؛ فهي تكرس التفاهة وتسيدها في المجتمع»، أي أن مفهوم «التفاهة» المنتشر حالياً على منصات التواصل الاجتماعي سيصبح هو الإعلام الأساسي، والمقياس للنجاح والفشل. 

واستفاد مفهوم «التفاهة» من منصات التواصل الاجتماعي وجماهيريتها لصالحه، فأصبحت منصات لصناعة المشاهير والأبطال وفقاً لمعايير جديدة، تعتمد مقاييس مغايرة تماماً، ويقول الكاتب الإيطالي أمبرتو إيكو في هذا السياق: «إن أدوات وسائل التواصل الاجتماعي تمنح حق الكلام لجيوش من الحمقى، ممن كانوا يتكلمون في الحانات فقط بعد أن تناولوا كأساً من النبيذ من دون أن يتسببوا بأي ضرر للمجتمع، وكان يتم إسكاتهم فوراً، أما الآن فلهم الحق في الكلام مثلهم مثل من يحمل جائزة نوبل، إنه غزو البلهاء».

«لا تجعلوا من الحمقى مشاهير»، هي رسالة للجمهور كي لا يكون شريكاً في تعويم «التفاهة» من خلال زيادة المشاهدات والتفاعلات مع ما ينتجه أولئك «المشاهير»، فالمجتمع الذي يكون اليوم عماده «الحمقى»، سيكون في المستقبل القريب «قطيع من الحمقى».

 

المصدر: خاص

بواسطة :

Deeb Sarhan

editor

شارك المقال: