الكذب مسموح في جميع الأيام إلا في الأول من نيسان

لا يختلف الأول من نيسان عن باقي الأيام المشهودة إلا بزيادة جرعات الكذب والمزاح الثقيل بحجة أنه اليوم المسموح به للكذب الأبيض كما يطلق عليه معظم الأشخاص.
حدث أن اشتعلت النيران في مطبخ إحدى السيدات فخرجت إلى شرفة المنزل تطلب النجدة، ولم يحضر لنجدة السيدة المسكينة أحد، إذ كان ذلك اليوم أول صباح من نيسان.
قام أحد الشباب على مبدأ المداعبة والكذبة البيضاء بتعليق ورقة نعوة لصديقه رغم أن الرجل لم يمت مما أدى إلى تأذي الكثير من أهل عائلته عند قراءة النعوة.
"والله مبارح شفت جوزك مشنكل وحدي وعم يتمشوا بشارع الحمراء وما شاء الله ضحكتن لآخر الشارع.. " كذبة نيسان" لا تجني عم أمزح!
مبارح صار مع أبوك حادث وهو بالمشفى وبالعناية المشددة ".."عم أمزح "كذبة نيسان".
خبرات واسعة في الكذب
اعتاد الناس على تبرير كل ما يحدث حولهم من أمور ونجحوا وتميزوا بفقرة التبرير فأصبحوا قادرين على تحويل الفوضى إلى معايير إيجابية وتحت شعار "الخير"، والمثال على ذلك إذا انكسر الكأس أي "انكسر الشر" و إذا "رفت العين اليمين" سوف نسمع خبرا طريفا وغيره الكثير من الأمثلة ... في حال كان لدينا االقدرة على تفسير كل ما سبق على أنه خير فكيف لنا أن نبرر شيئاً مؤذياً لدرجة كبيرة مثل "الكذب "الذي بات في كل يوم و أصبح حالة منطقية بين الناس وبات اسمه بهارات الحياة.
البهارات الحادة
بهارات الحياة هذه لا ترفع الضغط ولا تسبب تصلب شرايين القلب ولا تمسك الشخص بيده لتأخذه إلى الهاوية فتكون "آخرته" الموت بالجلطة أو السكتة القلبية بل هي من النوع الذي يخفف الضغط ويسعد المرء فعلى سبيل المثال إذا أخبر أحدهم زوجته بعد كذا سنة من الزواج وكذا ولد وحفيد وصهر وبعد ما يراه في يومنا هذا من أجيال وموديلات وصرعات فما عساه يقول:
قبل رشة البهارات
الزوج : لسه بتبكي وتقولي ليش عينك إلى الخارج وليش بدك تتجوز ... أي صحيح بدي أتجوز وعيش شو ناقصني لتكوني مفكرة حالك مرة ... روحي وشوفي النسوان.
الزوجة :ليش أنت أنظم والله صدق من قال " خليها بالقلب تجرح ولا تطلع لبرا وتفضح " من هيي يللي بدها تاخدك يا بعدي..
بعد رشة البهارات
الزوج : الله يحمي هذا الوجه المنور ويديمك جانبي يا ست الكل،والله كل ما كبرتي جوهرتي
الزوجة : تقبرني الله يديمك فوق رأسي يا تاج راسي
جذاب وكذاب
الفنان المعروف والمحبوب والجذاب وشهرته تجاوزت حدود الوطن العربي إذا قرر أن يكون واضحا وصادقا أمام معجبيه وصرح في لقاء تلفزيوني رأيه الحقيقي سيتهم بالغرور والكبرياء وستقل أسهمه عند الجمهور وخاصة الفتيات.
قبل رشة البهارات
المذيع : خبرنا كيف بتقضي يومك؟
الفنان : الحقيقة بالعادة بسهر مع مجموعة من الأصدقاء ومنحكي عن الوسط الفني وننشر عرض بعضنا وبحرص على الذهاب آخر شخص حتى ما يبقى حدا ويحكي عليي.
بعد رشة البهارات
المذيع : فناننا المشهور ممكن تخبرنا كيف بتقضي يومك؟
الفنان : أولا بفيق الصبح لأنني مؤمن بنصيحة " نام بكير وفيق بكير و شوف الصحة كيف بتصير " وأقوم بالتمارين الرياضية وبعدها أتناول الفطور وأستمع للأخبار وأحاول رغم انشغالي أن أخصص وقتا لمتابعة أعمال الزملاء والزميلات حرصاً على المنافسة الشريفة.
حلوُ كلامك حبيبي ... لكنه كذب
لايخفى على أحد أثر الكلمة (الحلوه) على مزاج حواء..
قبل رشة البهارات
العاشق : من يبالي بمخبولة تهذي وهي في غيبوبة من الدنيا .. ثم تسطر ما تثرثره على أنه فن ! وياله من فن رفيع ,شو مفكرة حالك "أنجيليا جولي " قال سعادة بعدين أنا مجنون لأتزوجك.
العاشقة : أنا الغلط ماعرفت شلون أختار حبي أنا الي فشلت بأسمى معاني الكلمات الي اسمه الحب قال " ارضينا بالبين والبين ما رضي فينا"
بعد رشة البهارات
العاشق : يا عمري وحياتي وروحي .. وينك من زمان ..بدي مشيك على الورد الأحمر واعملك عرس يحكوا فيه بالتاريخ بس ما طالع بيدي أنا فقير وما عم اشتغل وما معي مصاري.
العاشقة : حبي الأبدي بمشي معك على النار وبعيش معك على الحلوة والمرة وبغرفة صغيرة وايدي بإيدك بتعمر قصور.
بسمة ...كذب
رغم المصاعب التي تواجه الموظفين في القطاع العام أو الخاص ولكن تبقى مهمة السكرتيرة هي الأصعب في تلقي الضربات المباشرة أوالملغمة سواءً من قبل مديرها أو الموظفين الذين حولها وبالمقابل لا تسطيع إلا الوقوف ورسم الابتسامة الدبلوماسية على شفتيها مع تكرار كلمة حاضر بمعنى " الابتسامة كاذبة"
قبل رشة البهارات
المدير: يا فلانة كم مرة لزم عيد كلمي وكرر والله ما الحق عليك الحق علي وظفك ووثق بفهمك لأمور الإدارة
السكرتيرة : أوف رح طق كل يوم نفس الموال كل هذا من أجل رقم وتاريخ ،شو عملت جريمة بس لو ما كان عندي مصاريف والله ما كنت اشتغلت أبداً.... مدراء أخر زمن .
بعد رشة البهارات
المدير : يا آنسة أذا سمحتي ممكن تكتبي القرار مرة ثانية بطريقة صحيحة.
السكرتيرة : تكرم استاذ أنت بتأمر ما بتطلب.. حاضر دقيقة وبكون القرار على مكتبك.
الدبلوماسية الكذب
لم يعد للكذب ألوان مثلما نعلم كذبة بيضاء وسوداء وحمراء أو حتى لم يعد للكذب أحجام كذبة كبيرة أو صغيرة بل أصبح لها طعم ومثلما غنت ميادة بسليس " كذبك حلو "
قبل رشة البهارات
الأخت الكبيرة : حرام عليكي صايرة سمينة لازم تعملي رياضة وريجيم بصراحة أختي لا تزعلي بس مبينة أكبر من عمرك وكلشي عمرك عشرين سنة شو خليتي لبعدين.
الأخت الصغيرة : يا أختي ليش أنا من عمرك عم أصبغ شعري وشد وجه وأرسم تاتو.
بعد رشة البهارات
الأخت الكبيرة : واو شو صايرة حلوة وجسمك بعقد ما شاء الله عليك !
الأخت الصغيرة : أنت ماشاء الله عليك الله يحميك على هالوجه والشعر كل ما كبرتي با أختي عم تبيني أصغر منورة !
كذاب صغير
بعد كل ما ذكرناه من أمثلة من الطبيعي أن يصبح الكذب جزء من حياتنا ويختلط باللاشعور بأطفالنا رغم أنهم ملائكة ولا يعرفون الكذب ولكن بالمقابل الطفل عندما يجد الكذب يحيط به من الأب والأم والأخت والجدة والخالة والعمة وكل من هو كبير حتماً سيعتقد أن الكذب هو الحل المناسب من أجل النجاة من العقاب عند ارتكاب الأخطاء.
قبل رشة البهارات
الأم : والله لشيل عيونك كيف كسرت الكاسة رد وحكي ؟
الطفل: والله ما قصدي كنت عم اشرب راحت وقعت من أيدي وانكسرت
الأم : هي لأنك أعمى وما تنتبه
بعد رشة البهارات
الأم حبيبي كيف كسرت الكاسة
الطفل : ما أنا هي ميمو كنت عم اشرب راحت دفشتني وقعت ووقعت الكاسة من ايدي
الأم :بسيطة حبيبي لا تبكي.
حياتنا مملوءة بالعجائب كأننا نعيش قصة أليس في بلاد العجائب
الصادق بالنسبة لنا لا يعرف المجاملة و"دبش بالكلام وغليظ" وبالأحرى ما بيعرف يحكي
الكاذب مهضوم ودبلوماسي ومذوق.
سؤال بلا جواب
رغم أن الكذب أصبح إحدى أنواع المنكهات ضمن حياتنا اليومية وهو لحظية لتفاصيل حياتنا مع ذلك تجد الناس تحتفل به في الأول من نيسان بشكل خاص ولا تتصارح الناس مع بعضها إلا في هذا اليوم حيث تجدهم يعترفون لبعضهم البعض بالأكاذيب وتحت شعار "كذبة نيسان " لينتهي اليوم ونستيقظ في اليوم الثاني لنغسل وجهنا من آثار الاعترافات والصدق ولنعاود حياتنا على مبدأ أغنية الفنانة العظيمة فيروز " تعا ولا تجي وكذوب علب الكذبة مش خطية"!
ويبقى السؤال الذي يتردد في أذهاننا لماذا الكذب في أول نيسان وما أصل هذه الكذبة المنتشرة في معظم دول العالم باختلاف ألوانهم ومعتقداتهم وثقافاتهم؟
ولعل السؤال الآخر الذي يطرح نفسه هو لماذا يكذب الناس؟
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: