الكرة السورية.. "احتراف على حساب الأرواح"!

عبد الغني الحمد
حين هدأت أصوات هدير المدافع في مراكز المدن الكبرى في #سوريا، توسّم الناس خيراً في استعادة شيء من مظاهر الحياة التي اعتاد السوريون عليها في سنين خلت قبيل اندلاع الأحداث في سوريا، لا سيما جمهور كرة القدم الذي كان يضبط ساعته، على موعد انطلاق مباريات #الدوري_السوري وكأس الجمهورية وهما البطولتان الرئيسيتان اللتان تتنافس على حصد لقبهما الأندية السورية كل عام.
ومع عودة الروح إلى الملاعب السورية أخذت البطولات التي توصف عادة بالـ "ودية"، تدخل في خانة المنافسة الشرسة و"غير الرياضية"، وذلك تحت أنظار إدارات الأندية التي صار جلّ همها تحصيل "اتفاق مالي" جيد مع المستثمرين، بعد أن وجدت نفسها مضطرة إلى مسايرة سوق الأعمال في الملاعب، في الوقت الذي تشحذ فيه الجماهير الهمم للمعركة المقبلة في ملعب المباراة!
قبل أن تلج أهداف رجال الأعمال والمستثمرين شباك الكرة السورية، سيكون على إدارات الأندية أولاً إحراز أهداف خارج الملاعب، تقوم في شقها الأكبر على التوعية الرياضية، لجمهور خرج لتوّه من حرب أفقدته جزءاً كبيراً من أمانه، ثم وجد نفسه في دوامة #القتل مجدداً!، دون أن تقف مكتوفة الأيدي عاجزة أمام مظاهر العداء التي تسبق المباريات على وسائل التواصل الاجتماعي، والتي تشي بأن "الرياضة في سوريا باتت بحاجة إلى ترويض"، ودون شك سيخلّف هذا الاحتقان العديد من حالات مشابهة لـ "عبد الحليم حوا" في المستقبل القريب طالما مرّ هذا الحدث مرور الكرام، دون أن يستدعي إنشاء لجنة تحقيق للنظر في أسباب هذه الحادثة، وتحديد المسؤوليات واتخاذ الإجراءات الصارمة، إلا إن كان إدخال الألعاب النارية إلى الملاعب السورية مسموحاً، فتلك مصيبة أعظم!
ليس مطلوباً أن تبتعد كرة القدم السورية عن سكة التطور الذي اقتحم الكرة العالمية من عالم #المال والأعمال، لكن المصاب الأكبر هو انفصال القائمين على الكرة السورية عن مفهوم الاحتراف بمفهومه الشامل، فعلاوة على غياب الوعي الرياضي، يعتقد من يشاهد اليوم إحدى مباريات #الأندية_السورية، أنها تعود للثمانينات من القرن الماضي، لرداءة النقل التلفزيوني، كما أن الملاعب التي تحتضن تلك المباريات قد تصلح في كثير من الأحيان للرعي أو استثمارها في مجال إعطاء الامثلة عن التصحر وانجراف التربة وتملّحها، فالذي أراد صعود الكرة السورية إلى الاحتراف، بدأ الطريق من منتصفه ونسي البدايات!
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: