الخبز الذكي

اقتحمت البطاقة الذكية حياة السوريين دون سابق إنذار، وتدرج التعامل معها عبر مشروع أتمتة توزيع المشتقات النفطية (غاز – مازوت – بنزين) في محاولة من الحكومة لتوفير المادة لمستحقيها، ومنعها من التهريب، وضبط كميات الإنفاق اليومي. والآن يدور الحديث عن تطبيق نظام البطاقة الذكية على مادة السوريين الرئيسية ألا وهي الخبز.
فهل يحدث ذلك؟ بالنظر إلى مشروع البطاقة الذكية والذي تم تطبيقه على مواد الغاز والمازوت والبنزين، يُمكن القول بأنّ هذا التطبيق لم يكن ناجحا بنسبة كبيرة، والسبب في ذلك استمرار الأزمات المرتبطة بتوفر هذه المواد حتى لحظة كتابة هذه السطور. فالمازوت ما زالت أزمته مُستمرة، وبدل أن تَحل البطاقة الذكية أزمته، فاقمتها، حيثُ ما زال سائقو السرافيس ينتظرون لساعات وساعات حتى يتمكنوا من تعبئة 20 ليتر منه، والبنزين ليس بأحسن حالا منه، هذا ناهيك عن التلاعب في الكميات وعن استخدام هذه البطاقات من قبل غير مالكيها. أما الغاز ورغم دخوله عالم البطاقة الذكية، فإنّ هناك مناطق في قلب دمشق (منطقة باب سريجة) ما زالت تعاني من عدم وجود مراكز معتمدة للتوزيع، كون المحافظة لم تنسق بعد مع معتمدين لتوزيع الغاز على المواطنين. واستعيض عن ذلك بقيام أحد تجار الغاز سابقاً بالتجوال على المنازل وجمع جِرار الغاز الفارغة مع البطاقة الذكية ومبلغ 500 ليرة على كل جرة لإعادتها لأصحابها ممتلئة. ما يجعل سعرها النهائي 3200 ل س للجرة الواحدة. في حين منطقة المزة 86 أصبح سعر جرة الغاز وفقاً للبطاقة الذكية 3000 ليرة سورية بدلاً من 2650 ليرة، والسبب في ذلك أنّ سيارة الغاز تفرغ حمولتها في محل لأحد الأشخاص ليقوم بتسليمها للناس بـ 3000 ليرة بعد أن يكون قد جمع أسطوانات الغاز من الناس وأخذ بطاقاتهم الذكية و3000 ليرة ليأتوا بعد يومين ويأخذون جرتهم المعبئة. أي أنّ المتاجرة بالسلعة مازال قائم واستغلال حاجة لمواطن لم يطرأ عليها أي تغيير. أما عن تطبيق البطاقة الذكية على مادة الخبز والتي تشكل حاجة يومية للمواطن، حيث تنتج منها مخابز سوريا يومياً 83 مليون رغيف فإنّ ذلك ربما سيشكل نقطة مهمة تَحول دون هدر مادة الخبز وتهريبها وبيعها على الأرصفة من قبل باعة جوالين. كما أنّها ستحدد استهلاك العائلة اليومي من الخبز، ما يضبط كمية الاستهلاك العام لهذه المادة الحيوية. ويمنع المتاجرة بها وبيعها من قبل أطفال الشوارع بالتنسيق مع كثير من المخابز. لكن هل ستكون آلية التوزيع مضبوطة بشكل مختلف عن آليات توزيع المشتقات النفطية، لا سيّما وأنّ الخبز حاجة يومية يستهلكها عامة الشعب السوري، ومن غير الممكن التخيل بأن يقف المواطن لعدة ساعات لجلب مخصصاته اليومية من الخبز التي لا يمكن تأجيلها ليوم أخر. وتجدر الإشارة إلى أنّ المحلل الاقتصادي شادي أحمد كان قد كشف في تصريح لإحدى وسائل الإعلام المحلية عن نية الحكومة تطبيق البطاقة الذكية على الخبز مطلع الشهر المقبل، في حين نفى جليل إبراهيم مدير المخابز الآلية بسوريا لجريدتنا كل المعلومات التي تتحدث عن تطبيق البطاقة الذكية على مادة الخبز. والأيام القادمة ربما تبين حقيقة الأمر من عدمه.
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: