Sunday April 28, 2024     
00
:
00
:
00
  • Street journal

الخاشقجي : آخر حلقات سلسال الدم

الخاشقجي : آخر حلقات سلسال الدم

فارس الجيرودي

مملكة الخير، أو مملكة الأمن والاستقرار والارتخاء و الاستخراء كما وصفها الملك سلمان بن العزيز، هي الصور الذهنية التي عمل أمراء آل سعود لترسيخها عن مملكتهم طوال العقود الماضية، وأنفقوا في سبيل ذلك مليارات الدولارات لإقامة الامبراطوريات الإعلامية التي ساهمت بقوة في تشكيل الرأي العام العربي و ليس السعودي فحسب.

كما اكتسبوا عبر تلك السنين خبرة في شراء و رشوة النخب السياسية و الإعلامية العربية، إلى حد أنهم دفعوا أحيانا أمولا لإعلاميين معروفين باتجاهاتهم التقدمية، لمجرد أن يحيدوا مملكة الخير عن النقد، دون أن يضطروا حتى لفقدان مصداقيتهم عبرالإشادة بها.

لذلك كان من الطبيعي أن تترسخ صورة المملكة السعودية كدولة مستقرة آمنة هانئة متنعمة في الخير في أذهان الأكثرية من الرأي العام العربي.

لتأتي فضيحة جمال خاشقجي التي فجرها تهور و اندفاع ولي العهد محمد بن سلمان، فتقطع حبل الكذب، وتهدم ما حاول أمراء آل سعود بناءه لعقود طويلة.

لكن قضية الخاشقجي ليست سوى الحبة الأخيرة في عنقود طويل من عمليات الاغتيالات والخطف القسري التي شكلت تاريخ "مملكة الخير" الحقيقي، والمخفي بفعل قوة المال عن عيون الرأي العام العربي.

ولعل عملية اغتيال الملك فيصل بن عبد العزيز عام 1975 بست رصاصات على يد ابن أخيه، هي الأشهر في التاريخ السعودي، تعود أهمية العملية إلى دور الملك فيصل الأساسي في ترسيخ  أسس الحكم السعودي من جهة، وإلى كون القاتل أمير ينتمي للعائلة الحاكمة.

دوافع القاتل تنامت بسبب منع والده الأمير مساعد بن عبد العزيز عن الممارسة السياسية وتقلد المناصب العامة، إثر معارضته الانقلاب الأبيض الذي نفذه فيصل ضد أخيه الأكبر الملك سعود عام 1962، الأمير مساعد اتهم أيضاً بالجنون و الاضطراب العقلي بسبب معارضته فيصل، مما أوغر صدر ابنه الذي نفذ ثأره بست رصاصات في صدر عمه فيصل.

لكن قتل فيصل على يد ابن اخيه لم تكن هي العملية الأولى التي استحل بها أمراء آل سعود دماء بعضهم، بل سبقها اغتيال الأمير منصور عام 1951 والذي كان  المرشح الأول لخلافة والده الملك المؤسس عبد العزيز ، رغم صغر سنه مقارنة بأخوته سعود و فيصل و خالد، اعتمد الملك عبد العزيز على منصور أكثر من أخوته و قلده وزارتي الدفاع و الطيران معا، وفيما تقول الرواية الرسمية أن منصور و خلال رحلة مع أخويه فيصل و خالد إلى باريس سقط مغشياً عليه، يرفض محللون هذه الرواية، ويجزمون أن اخوته الأكبر سنا تخلصوا منه بسبب ما حظي به من اهتمام أبيه وتفضيله له عليهم.

وتبقى عملية اغتيال ناصر السعيد الأعنف في التاريخ السعودي بعد واقعة تقطيع الخاشقجي، ناصر السعيد هو المعارض الأشهر في تاريخ السعودية، و بدأ نشاطه السياسي السياسي عام 1953 بقيادة انتفاضة عمال للمطالبة بدعم فلسطين، لينتقل السعيد بعدها من سجن العبيد، إلى المنافي في القاهرة ودمشق وبيروت التي اختطف منها عام 1979 لتلقى جثته من مروحية فوق صحراء الربع الخالي، وتترك للضواري والوحوش لتلتهمها.

إلى جانب هذه الاغتيالات نفذ نظام الحكم السعودي خلال تاريخه عشرات محاولات الاغتيال الفاشلة منها محاولة اغتيال سعد الفقيه رئيس مكتب لجنة الدفاع عن الحقوق الشرعية و المنفي للندن عام 2003 هو والأمير سلطان بن تركي الثاني بن عبد العزيز آل سعود، وقد اختطف الأمير ووضع تحت الإقامة الجبرية في الرياض فيما بعد.

لتأتي بعدها عملية اغتيال جمال خاشقجي في القنصلية السعودية  باسطنبول لتكون حتى اشعار آخر الحلقة الأخيرة  في سلسال الدم المراق على يد حكام مملكة الخير.

 

المصدر: خاص

بواسطة :

شارك المقال: