"الجزر يقوي النظر" وأشياء أخرى !
محمد عيسى محمد
مررت الأمس ببائع خضار في حارتنا يدعى (أبو عبدو الحربوق)، وللصراحة "الحربوق" هي ليست الكنية الأساسية لأبي عبدو ذي الخمسين عاما، ولكن الحنكة والحكمة اللتان يتمتع بهما، جعلت من سكان الحي يطلقون هذه الصفة عليه.
وعندما اقتربت من أبي عبدو سمعته ينادي "اقرطوا جزر"، فشعرت أن هناك لغزاً وراء هذه الجملة، ومع العلم أن أبي عبدو لا يحمل شهادات عليا وربما لا يحمل شهادات دنيا أيضا، إلا أن الحق يقال، فهو شخص رصين اللسان ومتحدث ويستطيع أن يحاضر في معظم الأمور المتعلقة بالمجتمع، ولأني إنسان فضولي بطبعي ( أحب أن أعرف البيضة مين باضا والجاجة مين جابا)، سلمت على أبو عبدو وسألته: ماذا تقصد بـ (اقرطوا جزر)؟
هنا ابتسم أبو عبدو وأخذ وضعية الأستاذ والطالب، وقال لي: يا بني للجزر فوائد كثيرة، وأنت كشاب ستستفيد منها، فإن كنت لا تعلم .
فاعلم أن الجزر يحتوي على فيتامين (أ) الذي يساعد على تقوية النظر وتحسين الرؤية، ويمنع إعتام عدسة العين وذلك لاحتوائه على مادة البيتاكاروتين الهامة للحفاظ على صحة العين، فأنت عندما تأكل الجزر تحافظ على صحة عينيك من العتمة التي نعيشها بعد أن أصبح ليلنا مشابهاً لنهارنا في ظل نظام التقنين الكهربائي 4×2.
والجزر مفيد للقلب، فهو يحتوي على الألفا كاروتين والليوتين والبوتاسيوم وبالتالي يحسن من صحة القلب والجهاز العصبي ويقلل من خطر الإصابة بالسكتة القلبية أو الدماغية، أو الجلطة التي يمكن أن تتعرض لها وأنت تشاهد راتبك يطير في الأسبوع الأول من الشهر في ظل هذه الأسعار الخيالية.
كما أن الجزر مفيد للبشرة، ويساعد في الحفاظ على صحة الجلد وحمايته من أشعة الشمس ومنع ظهور البقع، التي قد تظهر عندما تقف كل يوم لساعات في طوابير الغاز وعلى الفرن.
ثم ابتسم أبو عبدو ابتسامة خبيثة، وقال بلهجة تشوبها السخرية، ولا تنسى الفائدة الأكثر أهمية، حيث يساعد الجزر في الحفاظ على صحة الفم والأسنان إذ يحفز إفراز اللعاب الذي يعمل على الموازنة بين حموضة المعدة والبكتيريا في الفم (وهيك فيك كل يوم تاكل الخوازيق على المرتاح).
بالإضافة إلى فوائد الجزر الأخرى، كحماية الكبد وتطهيره من السموم والوقاية من السلطان وتحسين الدورة الدموية.
والشئ الأهم أن سعره مناسب للجميع، فما زال سعر الكيلو 100 ليرة سورية( يعني ما بينحكى فيها)، ولم يتأثر بثورة أبناء جلدته من الخضار، كالبندورة التي وصل سعرها ل 500 ليرة سوربة، والكوسا 1000 ليرة، أو حتى الخيار 400 ليرة، فتستطيع أن تستعيض بالجزر عن صحن السلطة الذي يحتاج 2000 ليرة لتحضيره.
ومن جهة أخرى تستطيع تقشيره وتقطيعه لتقدمه للضيوف على أساس أنه نوع من أنواع الفواكه ( وما حدا رح يعتب عليك).
في الحقيقة أقنعني أبو عبدو، فقاطعت محاضرته القيمة التي يبدو أنها لن تنتهي، واشتريت كيلو جزر، وعدت إلى منزلي، ودونت على دفتر مذكراتي اليومية قصة اليوم بعنوان "اقرطوا جزر".
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: