Saturday November 23, 2024     
00
:
00
:
00
  • Street journal

الجزائر: لا حل واضح لمأزق الشرعية

الجزائر: لا حل واضح لمأزق الشرعية

فارس الجيرودي

تقدم الرئيس الجزائري "عبد العزيز بوتفليقة" أخيراً بملف ترشحه للانتخابات الرئاسية الجزائرية، ليضع بذلك حداً للتوقعات التي تصاعدت في الأيام الأخيرة، حول إمكانية خضوعه للمطالب التي نادت بها المظاهرات الرافضة لترشحه لولاية خامسة بسبب وضعه الصحي، الذي منعه حتى من مغادرة مقر علاجه في جنيف للتقدم بترشيحه شخصياً، حيث ناب عنه مدير حملته "عبد الغني زعلان".

وفي خطوة تذكر بكلمة الرئيس "زين العابدين" «فهمتكم» إبان الثورة في تونس، وبكلمة الرئيس المصري "حسني مبارك" التي خاطب فيها متظاهري ثورة "يناير" معلناً أنه«لم يكن ينتوي الترشح لولاية جديدة»، نشرت وكالة الأنباء الجزائرية رسالةً من الرئيس الجزائري موجهةً للمتظاهرين، الذين تظاهروا ضد ترشحه يقول فيها «سمعت آهاتكم» ويتعهد باختصار مدته الرئاسية القادمة إلى «عامٍ واحد فقط»، يدعو بعدها إلى انتخابات رئاسية مبكرة لا يشارك فيها، وتكفل انتقالاً سلساً للسلطة، وقيام نظامٍ جديدٍ يؤمن توزيعاً عادلاً للثروة.

لكن غياب الثقة بين السلطة والمتظاهرين، الناتج عن الأزمات الاقتصادية الحادة التي فاقمها خلال السنوات الأخيرة انخفاض أسعار النفط، وانتشار القصص عن الثروات المتضخمة لعدد من الشخصيات القريبة للسلطة، بالإضافة طبعاً للحرب الإعلامية الشرسة التي تشنها عدد من المواقع الالكترونية والوسائل الإعلامية الممولة قطرياً، كل تلك العوامل تجعل من فرصة نجاح محاولات بوتفليقة باحتواء غضب المتظاهرين ضئيلةً.

وبينما غادر كل من "زين العابدين" و"مبارك" السلطة بنفس طريقة وصولهما إليها، من بوابة القرار الأمريكي، حيث كان كافياً رفع الغطاء الأمريكي عنهما كي يخرجا من المشهد السياسي بهدوء، يبدو أن مغادرة الرئيس للسلطة في الجزائر التي تقع خارج النفوذ الأمريكي المباشر، بحاجة لتوافق عدة أجنحة في الدولة والجيش، تمتلك الولايات المتحدة نفوذاً على بعضها، لكنها لا تملك نفوذاً على أجنحة أخرى، وحتى إشعار آخر لا تشير الدلائل إلى توفر مثل ذلك التوافق،  التي كان وراء وصول "عبد العزيز بوتفليقة" نفسه للسلطة عام 1999.

لعل هذا ما يفسر المأزق التاريخي الذي وصل إليه النظام الحاكم للجزائر، حيث لم يتم الاتفاق بعد  على شخصيةٍ مناسبةٍ بديلةٍ لـ "بوتفليقة" الذي يعتبر الرجل الأخير من الجيل الذي خاض معركة الاستقلال ضد الاستعمار الفرنسي، مما أكسبه شرعية كافيةً إلى حد ما  لتولي منصب الرئاسة، دون أن تكفل له مواقفه وانجازاته خلال 20 عاماً من الحكم، فائض الشرعية، الذي يسمح له بتسمية من يحمل أمانة الزعامة من بعده، على غرار ما فعل هوغو تشافيز وفيديل كاسترو، خلال الفترة الأخيرة من حكمهما.

لذلك يفرض دنو أجل المواعيد الدستورية، على أجنحة السلطة الجزائرية التمسك بالرجل المريض، على الرغم من تصاعد الاعتراضات الشعبية، التي تعتبر ترشيح رجل على كرسي متحرك لحكم بلد كالجزائر، احتقاراً للشعب واستهانةً به من قبل مراكز النفوذ و السلطة في البلد، مما يضع مكسب الاستقرار الذي تحقق في الجزائر طوال عقدين من حكم بوتفليقة في مهب الريح.

 

المصدر: خاص

شارك المقال: