Wednesday May 1, 2024     
00
:
00
:
00
  • Street journal

الحج: ورقة ضغط ترفض الرياض التخلي عنها

الحج: ورقة ضغط ترفض الرياض التخلي عنها

فارس الجيرودي

راجت خلال الأسابيع الأخيرة التي تلت قرار الرئيس الأمريكي ترامب سحب القوات الأمريكية من سوريا، شائعات عن توجه سعودي لسحب ملف الحجاج السوريين من يد المعارضة السورية"الائتلاف الوطني المعارض"، وإعادته إلى دمشق، على التوازي مع إعادة دولٍ حليفةٍ للرياض كالإمارات والبحرين لعلاقاتها الدبلوماسية مع الحكومة السورية، وبالترافق أيضاً مع تصريحاتٍ لمسؤولين سعوديين كشفت عن سحب الفيتو السعودي الخاص بتجميد عضوية دمشق في الجامعة العربية، ما تم تفسيره من  قبل مراقبين على أنها خطوات سعودية للنزول عن شجرة التصعيد مع سوريا مع حفظ ماء الوجه، ذلك بعد أن ذهبت الرياض بعيداً في خطواتها الداعمة للجماعات المسلحة المعادية للرئيس السوري "بشار الأسد"، حيث لم يكن ملف الحج سوى إحدى أوراق الضغط التي استخدمتها ضد الحكومة السورية والقاعدة الشعبية الداعمة لها.

  لكن استخدام الرياض للحج كورقة ضغط سياسي على الخصوم، لم يقتصر على العلاقة مع دمشق، فالسعوديون ينظرون إلى وجود الأماكن الإسلامية المقدسة تحت سيطرتهم وإلى احتكارهم لتنظيم مراسم الحج، كأحد أهم مصادر قوتهم الناعمة، فهم كما أشارت صحيفة "اللوموند" الفرنسية في تقرير لها في حزيران 2017 استخدموا مثلاً هذه الورقة إلى جانب ورقة المساعدات المالية، للضغط على الدول الافريقية ذات الأغلبية المسلمة، كي تجذبها لتقف إلى جانبها في ملف الصراع مع قطر، فخصص السعوديون حصصاً أكبر من تأشيرات الحج للدول التي وافقت على قطع علاقتها الدبلوماسية بالدوحة، حيث تعتبر تلك الحكومات الافريقية حصولها على حصةٍ أكبر من الحجاج انجازاً شعبياً لها في مواجهة المعارضات الداخلية. 

قبلها بثلاثة عقود في العام 1987 اندلعت أزمة كبرى بين طهران والرياض، بسبب اتهام إيران لقوات الأمن السعودية بارتكاب مجزرة بحق الحجاج الإيرانيين، إثر إقدامهم على رفع شعارات معادية لأمريكا واسرائيل، ضمن ما يعرف بـ"مراسم البراءة من المشركين" التي دعا إلى ممارستها الإمام الخميني كجزء من الحج، حيث قتل نتيجة الحادثة 275 حاجاً إيرانياً ونحو 42 حاجاً من جنسيات أخرى، ووصلت جثث الحجاج القتلى إلى طهران وفيها آثار أعيرةٍ نارية، حيث عرضت على وسائل الإعلام، فتم قطع العلاقات الدبلوماسية بين الطرفين، وحرم الإيرانيون من الحج ثلاث مواسم متتالية، إلى أن تمت استعادة العلاقات بين الطرفين مجدداً عام 1991، ليتجدد الاتهام الإيراني للرياض بارتكاب مجزرةٍ جديدةٍ بحق الحجاج الإيرانيين في حادثة منى عام 2015 حين قتل نحو 465 حاجاً إيرانياً في ما وصفته الرياض بتدافع للحجاج، فيما ردت طهران بالمطالبة بتدويل ملف الحج، عبرالسماح للدول الإسلامية بالمشاركة في تنظيم هذه الشعيرة.

وكان من الطبيعي أن يرفض السعوديون الطلب الإيراني رفضاً قاطعاً، انطلاقاً من نظرتهم إلى الحج كأحد الركائز التي تعطي شرعيةً لما يدعونه من مكانة قيادية في العالم الإسلامي، خصوصاً في ظل الصراع الذي يخوضونه مع تركيا أردوغان، على الحصول على الحق الحصري لقيادة العالم الإسلامي، وتأمين مصالح السيد الأمريكي فيه. 

 

  

 

المصدر: خاص

بواسطة :

شارك المقال: