Friday May 10, 2024     
00
:
00
:
00
  • Street journal

الحضارة الإنسانية تموت برداَ

الحضارة الإنسانية تموت برداَ

آلان كرد

تحتفي الحضارة الإنسانية بتقدمها كلما حققت شيئاً جديداً اكتشافاً أو اختراعاً، وتخصص لذلك كتب التاريخ ولوحات الفن والمواد الإعلامية والنصب التذكارية، ويفتخر أصحاب التقدم بما حققوه للحضارة في كل محطة عرفتها البشرية حتى تاريخ اليوم.

ولكن ماذا تعني إنجازات هذه الحضارة لإنسان يفقد حقه في التدفئة ويموت من البرد في القرن الواحد والعشرين؟

حق الناس في التدفئة

قرأ السوريون في الأمس عن فاجعة «حريق المناخلية» التي ذهب ضحيتها 7 أطفال، واستيقظوا اليوم على وقع فاجعة «حريق السيدة زينب» التي كان ضحيتها شاب في مقتبل العمر. ويتذكر السوريون أيضاً فواجع البرد كل شتاء في مخيمات الذل خارج الوطن. أضف إلى ذلك أزمات المحروقات بين فترة وأخرى.

يمكننا أن ندرج كل ما سبق في خانة «فقدان الناس البسطاء لحقهم في التدفئة» بغض النظر عن السبب المباشر، والتي لن تعني شيئاً سوى موت الحضارة الإنسانية في عيونهم، تلك الحضارة التي تركتهم خلف أرباحها.

الحديث ليس عن السوريين فقط

الحديث هنا عن أشخاص يموتون بسبب البرد وآثاره، أو بسبب فقدان حق التدفئة، لا يخص السوريين وحدهم، حيث أفادت جريدة «التلغراف» عن موت 40 ألف بريطاني عام 2015، ونقلت جريدة «ديلي ستار» تصريحات مسؤولين في وزارة الصحة عن فقدان 48 ألف بريطاني لحياتهم سنة 2018 بسبب آثار الطقس البارد شتاءً، ويخبرنا تقرير لوكالات تابعة للأمم المتحدة، بأن ما يقدر بنحو 6.3 مليون طفل ماتوا قبل بلوغ سن الخامسة عشر، أي بواقع طفل كل خمس ثوان. وذلك بسبب عدم توفر المياه والصرف الصحي والتغذية والرعاية الصحية الأساسية، وثلث هؤلاء يموتون بسبب آثار الطقس البارد شتاءً. 

كانت حصة بلدان أوروبا الشرقية الأكبر من نسبة وفيات آثار الطقس البارد شتاءً في بلغاريا ورومانيا وأوكرانيا وجمهوريات البلطيق. ففي أوكرانيا يموت آلاف السكان بسبب عدم قدرتهم على دفع ضريبة التدفئة، وتحتفظ وزارات الصحة في تلك البلدان بأعداد ضحايا البرد كل شتاء، بينما يموت المشردون بأعداد كبيرة في أحياء المشردين بالاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية بسبب الطقس البارد، ولا توجد إحصاءات دقيقة بسبب غياب سجلات دقيقة للمشردين في عواصم ما يعرف اليوم بـ «العالم المتحضر». 

كلمة أخيرة

تحط أزمات الكرة الأرضية في كل مكان، وتبتلع ما تبقى من حق الناس البسطاء في «التدفئة»، بينما تقف الحضارة الإنسانية للعالم القديم مكتوفة الأيدي أمام ما يحدث، أو ربما أصابها الشلل ولا تستطيع منع البرد والموت عن أطفال البسطاء. 

المصدر: خاص

بواسطة :

شارك المقال: