الدروس المستفادة من الحرائق..
كريم مهند شمس
يبدو أن لعنة الحرائق ستبقى تطارد العاصمة وأطرافها مرة بعد أخرى، إلى أن يصلح فوج الإطفاء خرطومه ويجعل سلمه أطول قليلاً، أو ربما تكون تلك الحرائق المتكررة تسعى لتنبيهنا إلى شيء آخر، شيء لم نكن منتبهين له من قبل، التمديدات الكهربائية مثلاً؟.
إن الحريق بعد الحريق الذي يضرب الأراضي والمباني هنا وهناك، لا يمكن أن يكونوا جميعهم قضاء وقدر، فمع ثقتنا الكاملة بالمشيئة الإلهية، نحن نعي تماماً أن لكل شيء في هذه الدنيا سبب.
فهذه المصائب المتشابكة التي نسميها مجازاً تمديدات كهربائية، والغياب التام لوعي الناس بقوانين السلامة، والنقص الحاد في معدات فوج الإطفاء، تدفعنا للاعتقاد بأن ذلك التكرار الغريب بالحرائق له سبب محدد، يبدو أن القدر يريد أن يقول شيئاً.
ولأننا نقدر جهود عناصر فوج الإطفاء في قيامهم بأعمالهم، نحن هنا لسنا نقلل من أهميتهم، لكننا حتماً سننوه إلى أن خراطيمهم أثبتت عجزها مؤخراً عن بلوغ الطابق الخامس من أي مبنى، وأن سلالمهم كذلك لم تتعدى الطابق الثامن بحسب التصريحات الرسمية، وهو ما دفعهم للاستعانة بصهاريج ضخ المياه المنزلي خلال بعض عمليات الإخماد، دون أن نغفل عدم استخدام أي مواد فعالة أكثر من الماء في مهماتهم، ونسيان قطع التغذية الكهربائية عن المباني المشتعلة أيضاً، رغم أن ذلك سيقلل نسبة الخطورة فيها.
ذلك النقص ليس عيباً، إن اعترف به وبدء البحث عن سد له، أما إن بقي الحال هكذا، فإن الخطورة التي يتعرض لها عناصر الفوج أنفسهم خلال مهامهم ستزداد، تزامناً مع ارتفاع الخطر الذي يحيط بسكان المباني والمحال والجوامع المحترقة أيضاً، وهو ما يحتم التصرف.
فنحن لا نملك الميزانية الكافية لتأمين كل بقاع البلاد من الحرائق بواسطة أجهزة الإنذار والإخماد الآلي، إلى جانب تدني وعي الناس بأهمية تلك الأشياء مهما ارتفعت تكلفتها، وهو ما يجعلنا عاجزون عن اجبارهم على استخدامها أيضاً، حيث أن معظم أصحاب السيارات الخاصة والعامة لم يقتنعوا إلى اليوم بفكرة حمل مطفأة صغيرة في صندوق السيارة، رغم وجود قانون يفرض ذلك عليهم، ومن يملكون واحدة فهي لا تعمل أساساً وإنما وضعت ديكور لتجنب المخالفات أو الحاجة لوضع ٥٠٠ ليرة بيد الشرطي في كل مرة، لذلك فإن الحل المبدئي يكمن بمنح فوج الإطفاء ما يحتاجه حقاً، تلبية للمطالب المُعلن عنها مؤخراً خلال جلسات مجلس المحافظة.
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: