الدباغة..... ثالث أهم سلعة في سوريا تواجه خطر الاندثار
محمد الواوي
ليست هي الصناعة الوحيدة التي تداعت أركانها خلال الحرب، إلا أن ثالث سلعة من حيث الأهمية بعد النفط والقطن في سوريا، تواجه خطر الانقراض اليوم أكثر من أي وقت مضى، فالواقع المر والقرارات التي تصدرها الجهات الحكومية دون مراعاة خصوصيات الصنعة، يدفع هذه المهنة العريقة نحو الاندثار رويداً رويداً، وخاصة بعد أن خرجت أكثر من نصف الدباغات عن العمل وتخلى جزء كبير من أصحاب هذا الكار العتيق عن المهنة بمتاعبها.
يذكر محمد خير درويش (صناعي) أن عدد الدباغات قبل الأزمة كان نحو 220 دباغة، بقي منها الآن نحو 38 دباغة، كما توقف منها مؤقتاً خلال الأشهر الستة الماضية نحو 17، وهي تعمل بشكل متقطع، حيث كان تملك دمشق لوحدها نحو 188 دباغة، فيما كانت حلب تضم 32 دباغة.
ويرى درويش أن نقل الدباغات إلى منطقة عدرا قرار غير صائب، إذ أن العمالة غير متوفرة نتيجة بعد المسافة، بالإضافة إلى الانقطاعات الطويلة للكهرباء، مشيراً إلى أن المشكلة الكبرى التي تواجه مهنة الدباغة هي الكهرباء والمياه الكلسية في مدينة عدرا الصناعية ما يضطر كل دباغة لوضع محطة معالجة.
ويؤكد بأن إنتاج معامل الأحذية لا يزيد عن 20% خلال الموسم الحالي، وكانت مهنة الدباغة ستنقرض في حلب لو لم تفتح معامل جديدة في الساحل السوري، وهو ما أثر بشكل سلبي على الصناعة السورية التي كانت تنافس دول الجوار وخاصة تركيا بالنسبة للألبسة والأحذية.
ويضيف درويش "كانت الدباغة تشكل ثالث وارد عائدات للدولة بعد النفط والقطن، لأن الثروة الحيوانية كبيرة، لذا نطالب كتجار وصناعيين بإيقاف التصدير والتهريب للثروة الحيوانية كونها تنعكس على أسعار اللحوم والجلود معاً، فسعر القدم الواحد من جلد البقر يقدر بنحو 1800 ل.س، في حين يتراوح قدم جلد الماعز ما بين 800 و 700 ل.س، لذا يبلغ سعر حذاء الجلد الطبيعي نحو 15000 ل.س، علماً أن سوريا كانت تأتي بالمراتب العشر الأولى في العالم بالنسبة لمصنعي الجلود".
ويدعو درويش إلى إيجاد تعاقد بين القطاعين الحكومي والخاص من حيث العمالة والآلات والجلود، فالدولة تملك معامل أحذية كبيرة في المدن الرئيسية لكن القطاع الحكومي يحصر إنتاجه لصالح صالاته الخاصة، في حين يمكن للقطاع الخاص أن يطورها بما يتناسب مع الموضة ويزيد الإنتاج، ومن جهة ثانية يجب أن تؤمن الحكومة العمالة اللازمة لمنطقة عدرا، ومحطة لمعالجة المياه الملوثة.
يتفق محمد الصواف (صاحب معمل أحذية) مع رؤية درويش، فبعد أن انتقلت الدباغات من منطقة الزبلطاني إلى عدرا، لم يكن لدى كل الدباغين القدرة على فتح دباغات جديدة، وهو أحد أسباب تناقص عدد ممتهني الدباغة إلى أقل من النصف، كما أن الكهرباء والمياه الغير متوفرة أكبر عوائق هذه المهنة، فلا وجود لآبار نظيفة في عدرا، وهذا الأمر يؤثر بدرجة كبيرة على جودة المنتج.
وينوه الصواف إلى أن المواد الداخلة في صناعة الدباغة ما زالت تعاني من مشاكل الجمارك، كما أن المادة الخام كانت متوفرة بشكل كبير في السوق المحلية أو عبر الاستيراد من اليمن والسودان وغيرها من الدول العربية على عكس اليوم وهو ما أثر على السعر وكمية الإنتاج. فقدم الجلد البلدي الدوماني عالي الجودة كان يتراوح بين 50 و 55 ل.س قبل الأزمة. في حين يصل سعره اليوم إلى 1200 ل.س.
وعلى ما يبدو فإن عدم اتخاذ إجراءات سريعة تشجيعية من قبل الحكومة سيدفع هذه المهنة إلى حافة الانهيار والسقوط.
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: